للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به أحوال الحقيقة وبما سبق من الكتاب والسنة أحكام الشريعة والطريقة وقد روي الشريعة أقوالي والطريقة فعالي والحقيقة أحوالي (ومن أسمائه تعالى الأوّل) أي وجودا بلا ابتداء (والآخر) أي شهودا بلا انتهاء (ومعناهما السّابق للأشياء قبل وجودها) أي أزلا (والباقي بعد فنائها) أي أبدا لحديث اللهم أنت الأول فليس قبلك أي قبل ابدائك شيء وأنت الآخر فليس بعدك أي بعد افنائك الخلق شيء وأنت الظاهر فليس فوقك أي فوق ظهورك شيء باعتبار مظاهر أفعالك وصفاتك وأنت الباطن فليس دونك أي دون بطونك شيء باعتبار حقيقة ذاتك اقض عني ديني واغنني من الفقر يعني فإنك الغني المغني (وتحقيقه) أي تحقيق كونه أولا وآخرا (أنّه ليس له أوّل) يعني وهو موجد الأشياء ومبدعها (ولا آخر) لأنه مفني الأشياء ومعيدها فهما بهذا المعنى من صفات التنزيه له تعالى وإن كان باعتبار مؤداهما من إفادة كونه أزليا وأبديا يكون وصفا ثبوتيا (وقال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ أَوَّلَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْخَلْقِ) أي في بدء عالم الخلق (وآخرهم في البعث) أي في نهاية عالم الأمر (وفسّر بهذا) أي بكونه أول الأنبياء خلقا (قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) أي عهدهم بتبليغ دعوة الحق والرسالة إلى الخلق (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ [الأحزاب: ٧] ) أي وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وخصوا بالذكر لأنهم أشهر أرباب الشرائع وهم أولو العزم من الرسل (فقدّم) أي الله سبحانه (محمّدا صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ذكره على المتقدمين من الأنبياء المذكورين مع أنه متأخر في الوجود عنهم في عالم الأشباح لسبق رتبته وتقدم نبوته في عالم الأرواح وقد روي أول ما خلق الله نوري وفي لفظ روحي وورد أنه أول من قال بلى في الميثاق (وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نَحْوٍ مِنْهُ عُمَرُ بْنُ الخطّاب رضي الله عنه) أي فيما تقدم من قوله بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَ مِنْ فَضِيلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ بَعَثَكَ آخر الأنبياء وذكرك أولهم أي في الأنباء فقال وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ الآية (ومنه) أي ومن قبيل قوله كنت أول الأنبياء الخ أي باعتبار النسبة الأولية والسابقية والقبلية في الجملة من مرتبة المزيد (قوله نحن الآخرون) أي في الخلقة (السّابقون) أي في البعثة يوم القيامة أو المقضي لهم قبل الخليقة كما صرح به في حديث مسلم (وقوله) أي ومنه قوله (أنا أوّل من تنشقّ الأرض عنه) وفي نسخة عنه قبل الأرض، (وأوّل من يدخل الجنّة) أي هو وأمته من الباب الأيمن من أبوابها كما ورد في بعض طرق الحديث، (وأوّل شافع، وأوّل مشفّع) أي مقبول الشفاعة (وهو خاتم النّبيّين) أي لا نبي بعده (وآخر الرّسل) تأكيد لما قبله (صلى الله تعالى عليه وسلم) أي وعليهم أجمعين قال الدلجي وهو صلى الله تعالى عليه وسلم سمى بالأول والآخر إنما هو من حيث كونه أولا في الخلق وآخرا في البعث لا من حيث معناهما في حقه تعالى فلا التفات إلى ما ذكر هنا انتهى ولا يخفى أنه لا خصوصية للتفرقة بهذين الوصفين من بين سائر الصفات السابقة واللاحقة إذ لا يتصور اشتراك المخلوق مع الخالق في نعت من النعوت بحسب الوصف الحقيقي وإنما يكون بملاحظة المعنى المجازي أو

<<  <  ج: ص:  >  >>