[المائدة: ٥٥] ) وقال عليه الصلاة والسلام أنا ولي كل مؤمن رواه البخاري عن أبي هريرة وروى أحمد وأبو داود عن جابر نحوه (وقال الله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وقال عليه الصلاة والسلام) أي على ما رواه الترمذي وحسنه (من كنت مولاه فعليّ مولاه) أي من أحبني وتولاني فليتوله فإنه مني قال الشافعي ولاء الإسلام كقوله تعالى ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ وقد قال عمر لعلي رضي الله تعالى عنهما أصحبت مولى كل مؤمن أي وليه على لسان نبيه قيل سببه أن أسامة بن زيد قال لعلي لست مولاي إنما مولاي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ.
(وَمِنْ أَسْمَائِهِ تعالى العفوّ) أي كثير العفو (ومعناه الصّفوح) أي كثير الاعراض عن الاعتراض وأصله إمالة صفحة العنق عن الجاني ثم استعمل مجازا في المعاني (وقد وصف الله تعالى نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بهذا) وفي نسخة صحيحة بهذا نبيه (في القرآن. و) في (التّوراة) أما التوراة فكما سيأتي وأما القرآن فكما قال المصنف (وأمره بالعفو) ولا شك أنه كان ممتثلا لأمره فيتحقق وصفه به (فقال خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف: ١٩٩] ) أي هذه الخصلة الحميدة وهي المجاوزة عن مرتكب السيئة إذا كانت بنفسك متعلقة وتمامه وأمر أي الناس بالعرف أي المعروف شرعا وعرفا أو نقلا وعقلا وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ أي المعاندين من المجادلين (وقال) أي عز وجل (فَاعْفُ عَنْهُمْ) أي تجاوز (وَاصْفَحْ [المائدة: ١٣] ) أي تغافل (وقال له جبريل وقد سأله) أي النبي (عن قوله) أي عن معنى قوله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف: ١٩٩] ) أي الآية (قال أن تعفو عمن ظلمك) أي وتصل من قطعك وتعطي من حرمك (وقال في التّوراة) زيد في نسخة والإنجيل قال الأنطاكي قال شيخنا برهان الدين الحلبي هذا الحديث ذكره البخاري في صحيحه من رواية عبد الله بن عمرو ليس فيه ذكر الإنجيل (في الحديث المشهور) أي الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص فيما سبق (في صفته) أي نعته في التوراة (ليس بفظّ) أي سيئ الخلق (ولا غليظ) أي جافي القلب (ولكن يعفو) أي يمحو في الباطن (ويصفح) أي ويعرض في الظاهر فاشتق له من اسمه العفو لاتصافه بكثرة العفو.
(ومن أسمائه تعالى الهادي وهو) أي الهداية في صفة الحق (بمعنى توفيق الله تعالى لمن أراد من عباده) أن يخلق الاهتداء فيه فيصير مهتديا به فالمراد بالهداية هنا الدلالة الموصلة إلى المطلوب ومنه قوله تَعَالَى إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وقد يستعمل بمعنى البيان ومجرد الدلالة كما في قوله تعالى وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ وقوله سبحانه وتعالى وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ وهذا معنى قوله (وبمعنى الدّلالة) أي على طريق الحق وبيان سبيل الرشد (والدّعاء) أي وبمعنى الدعاء وهو قريب مما قبله (قال الله تعالى وَاللَّهُ يَدْعُوا) أي عامة الخلق بدعوة الحق (إِلى دارِ السَّلامِ) أي دار الله التي فيها رؤيته التي هي أعز المرام أو دار يسلم الله تعالى وملائكته على من فيها بوجه الدوام أو دار السلامة من الآفة والملامة (وَيَهْدِي) بتوفيقه (مَنْ يَشاءُ) بتخصيصه (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس: ٢٥] )