أي دين قويم (وأصل الجميع) أي جميع أنواع الهداية مما هو بمعنى التوفيق وهو خلق الاهتداء وما هو بمعنى الدلالة وما هو بمعنى الدعاء (من الميل) أي والإقبال (وقيل من التقديم) يعني فكان من هدى مال إلى ما هدى إليه أو قدم إليه وكلام القولين غير معروف في كتب اللغة مع أنه لا يظهر وجه الدلالة على سبيل الأصالة ثم لا فائدة فيه غير الإطالة (وقيل في تفسير طه إنه) أي معناه بإشارة مبناه (يا طاهر يا هادي يعني) أي يريد به أو بهما (النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقال تعالى له) أي في حقه عليه الصلاة والسلام (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي لتدعو كما قرئ به والمعنى تدل الخلق إلى طريق الحق (وقال فيه وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ) أي بأمره أي بتيسيره زيد في نسخة وسراجا منيرا والحاصل أنه صلى الله تعالى عليه وسلم موصوف بكونه هاديا إلا أنه مختص بالمعنى الثاني وهو مجرد الدلالة والدعاء (فالله تعالى مختصّ بالمعنى الأوّل) وهو التوفيق لمن يشاء بخلق الاهتداء، (قال الله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) أي لا تقدر أن تخلق فيه قبول الهداية وإنما وظيفتك مجرد الدعوة والدلالة (وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص: ٥٦] ) بتوفيقه للإجابة وقبول الهداية (وبمعنى الدّلالة يطلق على غيره تعالى) أي قد يطلق على غيره سبحانه وتعالى فاستعمال الهداية في حق البارئ بالمعنى الأعم وهو إرادة المعنيين واختصاصه تعالى بالمعنى الأول واختصاص غيره بالمعنى الثاني ولذا زيد في نسخة هنا فهو في حقه صلى الله تعالى عليه وسلم بمعنى الدلالة أي لا غير، (ومن أسمائه تعالى المؤمن المهيمن) بكسر الميم الثانية وقد تفتح (قيل هما بمعنى واحد) وهذا مبني على قول فاسد كما سيجيء معبرا عنه بقيل من أن الصيغة للتصغير وإن الهمزة مبدلة بالهاء فإن التصغير الذي وضع للتحقير غير مناسب لوصف العلي الكبير فالصحيح أن المهيمن مأخوذ من هيمن على كذا صار رقيبا إليه وحافظا عليه نعم قد يقال إن معناهما واحد من آمن غيره من الخوف على أن أصله مأمن قلبت الهمزة الأولى هاء والثانية ياء وقيل هو بمعنى الأمين أو المؤتمن (فَمَعْنَى الْمُؤْمِنِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى الْمُصَدِّقُ وَعْدَهُ عباده) أي وعده عباده كما في نسخة أي المنجز ما وعدهم في الدنيا من نعيم العقبى كما جاء في التنزيل وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أو بالمعنى الأعم كما في الحديث صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده (والمصدّق) أي بذاته (قوله الحقّ) بنصبه على أنه نعت قوله أي من كلماته الثابتة في آياته قال الله تعالى فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ، (والمصدّق لعباده المؤمنين) كما أشار في التنزيل رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (ورسله) حيث قال فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ (وقيل الموحّد نفسه) أي بقوله شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وقوله سبحانه إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فهو مؤمن بتصديقه لنفسه (وقيل المؤمن) بتخفيف الميم بعد الهمزة الساكنة وفي نسخة بتشديدها بعد الهمزة المفتوحة وهو مما لا حاجة إليه أي معطي الأمن والامان (عباده في الدّنيا من ظلمه) أي لتنزهه عن وقوعه