للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يعصهما فقد غوى، ولم يذكر) في هذا الحديث (الوقوف على يعصهما) وأنت قد عرفت الاحتمالين ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والاثبات مقدم على النفي، (وقد اختلف المفسّرون) للقرآن، (وأصحاب المعاني) أي من أرباب البيان (في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ) الأكثر على النصب عطفا على اسم إن (يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب: ٥٦] هل يصلّون) أي جملتها باعتبار كنايته العائدة (راجعة على الله تعالى والملائكة جميعا) وخبر عنهم مشركة بينهم في ضمير واحد (أم لا) أي بل هي راجعة إلى الملائكة فقط ويقدر لله عامل آخر لتغاير الصلاتين (فأجازه بعضهم) أي ممن قال بالجمع بين المعنيين المشتركين في إطلاق واحد فإن الصلاة من الله تعالى أنزل الرحمة ومن الملائكة الاستغفار والدعوة ومنهم الشافعي وأتباعه، (ومنعه آخرون) أي منع رجوعها إليهم (لعلّة التّشريك) أي بين المعنيين ومنهم أبو حنيفة وأشياعه أو لأجل توهم الاشتراك في العقل وأجازه الأولون لظهور المغايرة عند أرباب العقل ونهى الخطيب إنما كان لترك الأدب الذي هو كما مر شأن الخطبة من الإيضاح واجتناب الرمز (وخصّوا) أي البعض الآخرون (الضّمير) أي في يصلون (بالملائكة وتَقْدِرُوا الآية) أي هكذا (إنّ الله يصلّي، وملائكته يصلّون) أي وجعلوا خبر الثاني دليلا على خبر الأول كما في

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف

والمحققون يجعلونه من باب عموم المجاز ويقولون التقدير أن الله وملائكته يعظمون النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كل بما يناسبه من أنواع التعظيم وأصناف التكريم والأولى عندي أن يقال الضمير راجع إلى الكل والمعنى يثنون عليه فالله تعالى عند الملائكة المقربين وفي كتابه المبين وعلى لسان جبريل الأمين والملائكة فيما بينهم لا سيما إذا قلنا إنه أيضا مبعوث إليهم فيجب حينئذ تعظيمه لديهم وثناؤه عليهم وهذا المعنى لغوي حقيقي على ما ذكره صاحب القاموس من أن الصلاة هي الرحمة والدعاء والاستغفار وحسن الثناء هذا وقراءة ابن عباس ورويت عن أبي عمرو وملائكته بالرفع إما عطفا على محل اسم ان أو مبتدأ خبره محذوف وهو مذهب البصريين. (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قال الدلجي ولم أدر من رواه (أنّه قال) أي مخاطبا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم (من فضيلتك عند الله تعالى) أي من جملة فضائلك في حكمه (أن جعل طاعتك طاعته، فقد قال تَعَالَى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [النساء: ٨٠] وقد قال تعالى) الظاهر أنه ليس من قول عمر وعطفه عليه لقربه منه معنى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران: ٣١] الآيتين) يعني وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكافِرِينَ فالآية الثانية تدل على ما تقدم من أن إطاعة الرسول كإطاعة الله وقوله فَإِنْ تَوَلَّوْا أي أعرضوا أو تعرضوا عن كل من إطاعة الله وإطاعة الرسول فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>