للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم كما حكى الله تعالى عنهم وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أي هو أو هذا سحر مطرد دائم صادر عنه أو ذاهب باطل كما قاله قتادة ومجاهد رحمة الله تعالى عليهما أو قوي محكم يغلب كل سحر كما قاله أبو العالية والضحاك (وإفك افتراه) أي وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ أي كذب صرفه عن وجهه واختلقه من تلقاء نفسه وأعانه عليه قوم آخرون، (وأساطير الأوّلين) أي وقالوا هذا أو هو أقاويلهم المزخرفة التي سطرها المتقدمون (اكتتبها) أي استكتبها لنفسه فهي تملي عليه بكرة وأصيلا.

(والمباهتة) أي والإغراء بالمباهتة من بهته إذا رماه بما يتحير منه والمعنى ومخادعون أنفسهم بأكاذيب وافتراآت يحيط بهم ضررها ويحيق بهم مكرها ولا يتخطاهم أثرها (والرّضى بالدّنيئة) بالهمز وقد يسهل أي وبرضاهم منه بالخصلة الرديئة (كقولهم قُلُوبُنا غُلْفٌ) جمع أغلف أي هي مغشاة بأغطية لا يصل إليها هداية ولا رواية؛ (وفي أكنّة) أي وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ أي في أغطية (ممّا تدعونا إليه) أي مانعة من وصوله إليها فضلا عن حصوله لديها (وفي آذاننا وقر) أي ثقل وصمم، (ومن بيننا وبينك حجاب) أي حاجز مانع من تقربنا إليك ومن نفعنا بما لديك وزيد من تلويحا بأن ابتدأ منهم وانتشأ عنهم وامتد مستوعبا للمسافة المتوسطة بينهما بحيث لم يبق فراغ فيها (ولا تسمعوا) أي وقال الذين كفروا لأصحابهم وأحبابهم لا تسمعوا (لهذا القرآن والغوا فيه) أي بخرافات الكلام وساقطات المرام (لعلّكم تغلبون) أي قارئه بتشويش خاطره الباعث على ترك قراءته. (والادّعاء مع العجز) أي وبمجرد دعواهم مع ظهور عجزهم عن مدعاهم (بِقَوْلِهِمْ لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هَذَا [الْأَنْفَالِ: ٣١] ) ولعمري أي مانع كان لهم لو ساعدتهم الاستطاعة أن يشاؤوا ذلك حيث تحداهم وقرعهم بالعجز مع فرط أنفتهم واستنكافهم أي يغلبوا لا سيما في ميدان الفصاحة والبيان والتجأوا إلى معالجة السلاح من السيف والسنان والعاقل لا يترك الأسهل ويتبع الأثقل (وَقَدْ قَالَ لَهُمُ اللَّهُ وَلَنْ تَفْعَلُوا فَمَا فعلوا ولا قدروا) فإخباره صدق وكلامه حق (ومن تعاطى ذلك) أي ومن تجرأ على قصد المعارضة في ميدان الفصاحة والبلاغة (من سخفائهم) أي سفهائهم (كمسيلمة) أي الكذاب بهذيانات مخترعات منها قوله يا ضفدع الا تتقين أعلاك في الماء وأسفلك في الطين لا الماء تكدرين ولا الشراب تمنعين ومنها وقوله حين سمع أول سورة النازعات والزارعات زرعا والحاصدات حصدا والذاريات قمحا والطاحنات طحنا والحافرات حفرا والباردات بردا واللاقمات لقما لقد فضلتم على أهل الوبر وما سبقكم أهل المدر ومنها قول آخر الم تر كيف فعل ربك بالحبلى أخرج من بطنها نسمة تسعى وقال آخر الفيل ما الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب وثيل ومشفر طويل وإن ذلك من خلق ربنا لقليل (كشف عواره) بفتح العين المهملة وتضم وقيل الضم أفصح أي أظهر عيب نفسه (لجميعهم) أي من عقلائهم إذ لم يكن ما عارضه به من بديع كلامهم وبليغ نظامهم بل كان مما ينفر عنه الطبع السليم وينبو عنه السمع القويم من قلة سلاسته

<<  <  ج: ص:  >  >>