شاعرا) أي معروفا (في الجاهليّة أنا أحدهم وأنّه) أي أنيسا (انْطَلَقَ إِلَى مَكَّةَ وَجَاءَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ) نقل بالمعنى أو التفات في المبنى وفي نسخة وجاءني (بخبر النّبيّ) أي بأخبار بعثته وإظهار نبوته (صلى الله تعالى عليه وسلم قلت فما يقول النّاس) أي في وصفه ونعته (قال يقولون شاعر كاهن ساحر) أي هم مختلفون بين قول شاعر وساحر أو هم قائلون بأنه لا يخلو عن واحد من هؤلاء الطوائف المذكورة أو مدعون بأنه جامع بين هذه الأوصاف الثلاثة المسطورة ثم قال أخو أبي ذر (لقد سمعت قول الكهنة) أي كثيرا (فما هو) أي قوله (بقولهم) أي لعدم المناسبة (ولقد وضعته) أي كلامه (على أقراء الشّعر) بفتح الهمزة وسكون القاف فراء ممدودة أي طرقه وأنواعه أي أنواع بحوره (فلم يلتئم) أي لم يلائم على شيء عن أوزانه (وما يلتئم) أي وما يتفق (على لسان أحد بعدي) أي غيري أيضا (أنّه شعر) إذ الشعراء اتفقوا على ذلك لما استوزنوا كلامه على اقراء شعرهم هنالك (وإنّه) أي النبي عليه الصلاة والسلام (لصادق) أي في دعوى الرسالة وفي قوله نقلا عن ربه وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ (وإنّهم لكاذبون) في كونه شاعرا أو كاهنا أو ساحرا؛ (والأخبار في هذا) أي المعنى المذكور والمدعي المسطور (صحيحة) أي إسنادا (كثيرة) متنا صريحة دلالة (والإعجاز) أي عن الإتيان بمثل هذا القرآن (بكلّ واحد من النّوعين) أي اللذين أحدهما (الإيجاز والبلاغة بذاتها) أي بانفرادها فهما مرفوعان كما في بعض النسخ على أنهما خبران لمبتدأ مقدر وفي بعضها بكسرهما على كونهما بدلين من النوعين وفي نسخة والإيجاز والبلاغة بذاتهما على أنهما عطف بيان لما قبلهما والحاصل أن الإيجاز والبلاغة كلاهما نوع كما سبق ذكره حيث عبر عنهما بصورة نظمه العجيب والنوع الآخر وهو الذي بينه بقوله (والأسلوب الغريب بذاته) أي مع قطع النظر عن بقية صفاته وفي نسخة أن بدل أو ووجهه لا يظهر فتأمل وتدبر ثم صرح بمقصوده في ضمن وروده تحت قوله، (كلّ واحد منهما) أي من النوعين وهو النظم العجيب والأسلوب الغريب (نوع إعجاز على التّحقيق) أي عند أرباب التوفيق واصحاب التدقيق وفي نسخة نوع إيجاز والظاهر أنه تصحيف إذ في المعنى تحريف (لَمْ تَقْدِرِ الْعَرَبُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أي لا بالنظم العجيب ولا بالأسلوب الغريب (إذ كلّ واحد) أي من النوعين (خارج عن قدرتها) أي عن قدرة العرب العرباء (مباين لفصاحتها وكلامها) أي مغاير لفصاحتهم وبلاغتهم من الشعراء والخطباء؛ (وإلى هذا) أي القول بأن كل واحد منهما نوع إعجاز بذاته (ذهب غير واحد) أي كثيرون (من أئمّة المحقّقين) بسلامة فطنتهم وصحة فطرتهم (وذهب بعض المقتدى بهم) بفتح الدال أي بعض من يقتدي الناس بهم ويميلون في الجملة إلى تقليدهم وقبول قولهم (إلى أنّ الإعجاز في مجموع البلاغة) أي المتضمنة للفصاحة، (والأسلوب) أي من جهة الغرابة والحاصل أن تحقق الإعجاز بهما مجتمعا لا بكل واحد منهما منفردا (وأتى على ذلك) أي واستدل على ما ذهب إليه أي من أن الإعجاز في مجموعهما (بقول تمجّه الأسماع) بضم الميم وتشديد