للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجيم أي تدفعه الطباع السليمة وتقذفه الفهوم المستقيمة (وتنفر منه القلوب) أي من أول الوهلة ومبدأ المقدمة. (والصّحيح ما قدّمناه) أي من كون الإعجاز لكل واحد منهما بذاته منفردا، (والعلم بهذا كلّه ضرورة وقطعا) عند أصحاب الذوق من أن وجه الاعجاز أمر من جنس البلاغة يدرك كالملاحة ولا يوصف ولا طريق إليه من جهة الصنيع إلا معرفة علوم المعاني والبيان والبديع مع معونة فيض الهي يورث العلم بكون ذلك ضرورة قطعا (ومن تفنّن) وفي نسخة ومن تكلم (في علوم البلاغة) وفي نسخة في فنون البلاغة أي ومن علم فنون البلاغة وصنوف الفصاحة (وأرهف خاطره) بالنصب أي رقق وحدد ذهنه بتوجه جنانه (ولسانه) أي بتحصيل بيانه (أدب هذه الصّناعة) فاعل ارهف والمعنى أن من أكثر ممارستها وأطال خدمتها حتى صارت له بديهة معرفتها (لم يخف عليه ما قلناه) أي ما قدمناه كما في أصل الدلجي من أن كلا منهما نوع إعجاز بذاته منفردا عند أهل التحقيق بصفاته (وقد اختلف أئمّة أهل السّنة) وفي نسخة ائمة المسلمين (في وجه عجزهم عنه) أي عن الإتيان بمثله (فأكثرهم يقول) أي قالوا مستمرين على قولهم (إنّه) أي وجه عجزهم (ممّا جمع) بصيغة المجهول وفي نسخة بصيغة الفاعل أي جمع الله (في قوّة جزالته) أي لطائف معانيه (ونصاعة ألفاظه) أي شرائف مبانيه بخلوصها من شوائب الركاكة وتنافر الكلمات والغرابة (وحسن نظمه وإيجازه) أي واستحسان نظم المعاني الكثيرة في ضمن المباني اليسيرة من غير خلل في مبناه ولا قصور في معناه (وبديع تأليفه وأسلوبه) أي على صنيع منيع ليس على أسلوب نظم الشعراء ولا نثر الخطباء (لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَقْدُورِ الْبَشَرِ) لاشتماله على لطائف وشرائف في باب البلاغة والفصاحة إلى أن خرج عن طاقة الخلق فتعين أنه من كلام الحق (وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَوَارِقِ الْمُمْتَنِعَةِ عَنْ أَقْدَارِ الخلق) بفتح الهمزة أي مقدوراتهم (عَلَيْهَا كَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَقَلْبِ الْعَصَا وَتَسْبِيحِ الْحَصَى) أي مما لا يقدر عليه غيره تعالى (وذهب الشّيخ أبو الحسن) أي علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن عبد الله ابن أمير العراقين بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري إمام أهل السنة (إلى أنّه) أي القرآن (مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ مِثْلُهُ تَحْتَ مَقْدُورِ البشر) أي في الجملة ممن هو ماهر في وجوه البلاغة وباهر في فنون الفصاحة، (ويقدرهم الله عليه) بضم الياء وكسر الدال أي وأن يعطيهم الله القدرة والقوة على اتيان مثله لأنه من جنس نتائج أفكارهم وكرائم اسرارهم (ولكنّه) الضمير للشأن (لم يكن هذا ولا يكون) أي هذا وفي نسخة زيد هذا هو الشأن أي الشأن عدم قدرتهم عليه (فمنعهم الله هذا وعجّزهم عنه) بتشديد الجيم أي وجعلهم عاجزين عن أمر المعارضة في ميدان المقاومة، (وقال به جماعة من أصحابه) أي من علماء الأمة لكن هذا هو القول بالصرفة وقد مر أنه مرجوح عند أكابر الأئمة (وعلى الطّريقين) أي من أن كونه معجزا بذاته عن مقاومته أو بتعجيزه سبحانه وتعالى إياهم عن معارضته (فعجز العرب عنه ثابت) أي بلا شبهة (وإقامة الحجّة عليهم) أي واقع (بما يصحّ أن يكون في مقدورهم) وفي نسخة مقدور

<<  <  ج: ص:  >  >>