صوب إقبال قبول (إلى اعتراض مخذول) أي متروك النصرة من المبتدعة كطبقة المعتزلة وجمهور الفلاسفة وعامة الملاحدة الواقع في قول مائل إلى المجاز وعادل عن الحقيقة في مدلول الآية متشبثا بأصلهم الفاسد بأن الأجرام العلوية لا يتأتى فيها الانخراق والالتيام ومتمسكا (بأنّه) أي الشأن (لو كان هذا) أي الانشقاق واقعا أو لو وقع هذا الأمر (لم يخف على أهل الأرض) أي كلهم (إذ هو شيء ظاهر لجميعهم) وهذا المقدار بيان الاعتراض واما بيان خذلانه فهو قوله (إِذْ لَمْ يُنْقَلْ لَنَا عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أنّهم رصدوه تلك اللّيلة) أي انتظروا انشقاق القمر حتى نظروا شقاقه أو رأوا خلافه في تلك الليلة وهذا معنى قوله (فلم يروه انشقّ) أي مع أن القاعدة الاصولية مضبوطة بأن رواية المثبت مقدمة على رواية النافي بلا شبهة كما في رواية الهلال مشاهدة هذا ومن المعلوم أنهم لم يترصدوه لكونهم غافلين عن القضية ذاهلين عن المقدمة المطوية وإنما أراد المصنف فرض الوقوع في البلية فبطل قول الدلجي بعد قوله فلم يروه انشق وفيه نظر لتوقف رصده على معرفة أنه سينشق في ليلة فيرصدونه ثم قال المصنف على طريق ارخاء العنان مع الخصم في ميدان البيان (وَلَوْ نُقِلَ إِلَيْنَا عَمَّنْ لَا يَجُوزُ تَمَالُؤُهُمْ) أي توافقهم وتواطؤهم (لكثرتهم) أي المتعاضدة (على الكذب كما كانت علينا به) أي بسبب نفيهم على فرض ترصدهم (حجّة) أي دلالة قاطعة ملزمة (إِذْ لَيْسَ الْقَمَرُ فِي حَدٍّ وَاحِدٍ لِجَمِيعِ أهل الأرض) أي لاختلاف مطالعه وتباين مقاطعه كما بينه بقوله (فَقَدْ يَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ على الآخرين) وفي نسخة على آخرين (وقد يكون) أي القمر في مرأى (مِنْ قَوْمٍ بِضِدِّ مَا هُوَ مِنْ مُقَابِلِهِمْ) أي بضد مرأى من قوم مخالفيهم (من أقطار الأرض) أي جوانبها (أو يحول بين قوم وبينه) أي بين القمر (سحاب أو جبال) وكذا حجاب (ولهذا) أي ولكونه ليس في حد واحد من العباد (نجد الكسوفات) أي محو أحد النيرين (في بعض البلاد دون بعض) أي من البلاد حتى لا يوجد فيه كسوف أصلا وقد نقل الحافظ المزي عن ابن تيمية أن بعض المسافرين ذكر أنه وجد في بلاد الهند بناء قديما مكتوبا عليه بني ليلة انشق القمر (وفي بعضها) أي ونجد الكسوفات في بعض البلاد أو في بعض الأوقات بالنسبة إلى بعض العباد (جزئيّة) أي وقوعها باعتبار بعض اجزائه (وفي بعضها كلّيّة) أي وقوعها يستوفي أطرافه كلها (وفي بعضها لا يعرفها) أي الكسوفات (إلّا المدّعون لعلمها) أي الماهرون والحاذقون بمعرفتها؛ (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) أي الغالب بقدرته (الْعَلِيمِ [يس: ٣٨] ) أي المحيط علمه بإرادته وحكمته ووقع في أصل المصنف الحكيم بدل العليم ولا يرد عليه أنه مخالف للفظ التنزيل لأنه ما قصد به الآية إذ ليس عليه شيء من الدلالة هذا (وآية القمر كانت ليلا) أي مبهما وقته ومجهولا ساعته قال الخطابي الحكمة في وقوعها ليلا أن من طلبها من الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بعض من قريش خاص فوقع لهم ذلك ليلا ولو أراد الله تعالى أن يكون هذه المعجزة نهارا لكانت داخلة تحت الحس قائمة للعيان بحيث يشترك فيها الخاصة والعامة لفعل ذلك ولكن الله