تعالى بلطفه أجرى سنته بالهلاك في كل أمة أتاها نبيها بآية عامة يدركها الحس فلم يؤمنوا وخص هذه الأمة بالرحمة فجعل آية نبيها عقلية وذلك لما أوتوه من فضل الفهم بالنسبة إلى سائر الأمم والله سبحانه وتعالى أعلم (والعادة من النّاس باللّيل) أي بحسب الأغلب (الهدوّ) بضم الهاء والدال فواو مشددة أو ساكنة بعدها همزة على أصل الكلمة ومعناه قوله (والسّكون) أي عن الحركة والمشي والتردد في الطرق مع قطع النظر عن ملاحظة ما في السماء وترصدهم إلى مراكز القمر ناظرين إليه غير غافلين عنه ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر (وإيجاف الأبواب) بهمزة مكسورة وتحتية ساكنة فجيم أي إغلاقها بسرعة (وقطع التّصرّف) أي بالتردد في داخل البيوت من إغلاقها واعماقها (ولا يكاد يعرف من أمور السّماء) أي لا سيما في فصل الشتاء (شيئا) أي من أمر السماء لحجاب البناء وعدم توجه نظرهم إى صوب الهواء (إلّا من رصد ذلك) أي انتظره قصدا لما هنالك ومنه قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ بالطريق المنتظر (واهتبل به) بفوقية فموحدة أي تحيل واعتنى بنظره (ولذلك) أي ولكون آيته كانت ليلا وفي نسخة وكذلك (ما يكون الكسوف القمريّ) أي بخلاف الشمسي النهاري (كثيرا) خبر كان أي لم يكن وقوعه كثيرا (في البلاد) وجعل الدلجي كثيرا حالا من اسم كان وخبرها في البلاد (وأكثرهم لا يعلم به) أي والحال أن أكثر الناس أو أكثر أهل البلاد لا يعلم بكسوف القمر (حتّى يخبر) أي بوقوعه في السمر والمعنى لا يقع فيها كثيرا مع عدم تعلق العلم به إلا يسيرا (وكثيرا ما) أي وأحيانا كثيرة (يحدّث الثّقات) أي من العلماء بالهيئة الفلكية (بعجائب يشاهدونها من أنوار) أي ظاهرة (ونجوم طوالع عظام) أي باهرة (تظهر في الأحيان باللّيل) أي في بعض الاوقات أو الساعات منه (ولا علم ولأحد بها) أي من غيرهم وفي نسخة ولا علم عند أحد منها ثم هذا مما يتعلق بانشقاق القمر على ما نزل به الآية وورد فيه صحيح الخبر وصريح الأثر وأما رد الشمس له صلى الله تعالى عليه وسلم فاختلف المحدثون في تصحيحه وضعفه ووضعه والأكثرون على ضعفه فهو في الجملة ثابت بأصله وقد يتقوى بتعاضد الأسانيد إلى أن يصل إلى مرتبة حسنة فيصح الاحتجاج به. (وخرّج) بتشديد الراء أي أخرج (الطّحاويّ في مشكل الحديث) وهو الإمام الحافظ العلامة صاحب التصانيف المهمة روى عنه الطبراني وغيره من الأئمة وهو مصري من أكابر علماء الحنفية لم يخلف مثله بين الأئمة الحنفية وكان أولا شافعيا يقرأ على خاله المزني ثم صار حنيفا توفي سنة إحدى وعشرين وثلثمائة وطحا من قرى مصر قال بعضهم كان أولا شافعيا ثم تقلد مذهب مالك كذا نقله التلمساني ولعله انتقل من مذهب مالك إلى مذهب أبي حنيفة كما يشهد به كتبه في الرواية والدراية (عن أسماء) وأصله وسماء من الوسامة فأبدلت واوه همزة وقيل جمع اسم والأول أولى وهو منقول عن سيبويه ولعل وجهه ان اطلاق الجمع على المفرد بعيد جدا مع أن اسم الجمع لا يجعل علما أبدا (بنت عميس) بضم مهملة وفتح ميم فتحتية ساكنة فسين مهملة وتقدمت ترجمتها