يقيم) أي الله (به) أي بسببه وببركته (الملّة العوجاء) أي غير المستقيمة لأن العرب غيرتها عن استقامتها فصارت كالعوجاء والمراد بها ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهي العادلة المائلة عن الأديان الباطلة إلى دين الحق الذي هو التوحيد المطلق كما أشار إليه بقوله، (بأن يقولوا لا إله إلّا الله) أي ومحمد رسول الله فهو من باب الاكتفاء أو من إطلاق الجزء وارادة الكل أو على أن الكلمة المذكورة هي علم للشهادتين ولذا قال صلى الله تعالى عليه وسلم من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة إذ من المعلوم أن اليهود والنصارى وأمثالهم يقولون لا إله إلا الله ولا تفيدهم هذه الكلمة من دون إقرارهم بأن محمدا رسول الله وفي الحديث إيماء إلى قوله سبحانه وتعالى هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (ويفتح) بالنصب عطفا على يقيم أو يقولوا (به أعينا) جمع عين (عميا) جمع أعمى، (وآذانا) بالمد جمع أذن (صمّا) جمع أصم، (وقلوبا غلفا) جمع أغلف والغلف غشاء القلب وغلافه المانع من قبول الحق ووصول الصدق وتعقل أمر المبدأ والمعاد كما أخبر الله تعالى عن أحوالهم بقوله صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ أي عن سماع الحق والنطق به وإدراكه ببصرهم فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ أي الحق ولا يعلمون الصدق ولعله لم يقل والسنة بكما لأنه يلزم من الصمم الأصلي البكم الفرعي والله أعلم، (وذكر مثله) بصيغة المجهول ولعل مثله مروي لابن عمر ولعطاء بن يسار كما في البخاري تعليقا وأسنده الدارمي (عن عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام وقيل مشدده ابن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري الخزرجي الصحابي كان حليفا لبني الخزرج كنيته أبو يوسف بابنه وهو من ولد يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وكان اسمه في الجاهلية حصينا فسماه عليه الصلاة والسلام عبد الله أسلم أول قدمه عليه الصلاة والسلام المدينة ونزل في فضله قوله تعالى وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ على مثله وكذا قوله سبحانه وتعالى قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ شهد مع عمه فتح بيت القدس وشهد له صلى الله تعالى عليه وسلم بالجنة روى عنه ابناه محمد ويوسف وغيرهما توفي سنة ثلاث وأربعين أخرج له أصحاب الكتب الستة، (وكعب الأحبار) بالحاء المهملة وسبق بعض ترجمته والمعنى وذكر مثله أيضا عن كعب الأحبار فيما رواه الدارمي من طريق أبي واقد الليثي، (وفي بعض طرقه) أي طرق هذا الحديث (عن ابن إسحاق) كما رواه ابن أبي حاتم في تفسير سورة الفتح عن وهب بن منبه وفي بعض النسخ أبي إسحاق بالياء وهو تصحيف وصوابه بالنون وهو الإمام صاحب المغازي رأى عليا وأسامة والمغيرة بن شعبة وأنسا وروى عن عطاء والزهري وطبقته وعنه شعبة والحمادان والسفيانان وخلق وكان من بحور العلم صدوقا وله غرائب في سعة ما روى تستنكر واختلف في الاحتجاج به وحديثه حسن بل وفوق الحسن وقد صححه جماعة مات سنة إحدى وخمسين ومائة أخرج له البخاري في التاريخ ومسلم والأربعة في سننهم: (ولا صخب)