والمستلذات ويحرم عليهم الخبائث أي المحرمات والمضرات ويضع عنهم أي عن من تبعه من اليهود والنصارى خصوصا إصرهم أي عهودهم الثقيلة التي أخذ عليهم العمل بها في التوراة من العبادات والرياضات والسياحات والأغلال التي كانت عليهم من التكاليف الشاقات كقطع الأعضاء الخاطئة وقرض مواضع النجاسات وتعين القصاص في العمد والخطأ وإحراق الغنائم وظهور الذنوب على أبواب فاعليها فالذين آمنوا به وعزروه أي عظموه في نفسه ونصروه على عدوه وأتبعوا النور الذي أنزل معه أي مع رسالته وهو القرآن أو الوحي الشامل للكتاب والسنة أولئك هم المفلحون الفائزون بالرحمة الأبدية قل يا أيها الناس أي الشامل لليهود والنصارى وغيرهم عامة أني رسول الله إليكم جميعا أي كافة بخلاف موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام فإنهما كانا مبعوثين إلى بني إسرائيل خاصة ولعله من هنا قال عليه الصلاة والسلام ولو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي يعني لما كان هو وغيره كعيسى إلا اتباعي الذي له ملك السموات والأرض أي حيث يعم ملكه العلويات والسفليات شملت رسالته جميع الموجودات على ما بيناه في بعض المصنفات لا إله إلا هو فكأنه لا رسول له إلا هو فإنه لولا هو لما خلق غيره ولما وجد من يعرف معنى هو لا من حيثية مبناه ولا من طريقة معناه يُحْيِي وَيُمِيتُ بالإبقاء والإفناء وبالهداية والاغواء فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي تأكيد وتثبيت أو تبكيت لتوفقهم على الإيمان بمثل هذا النبي الذي يؤمن بالله إيمان مشاهدة وعيان ومراقبة وإيقان وكلماته وبجميع كلمات الله المنزلة على الأنبياء مجملة ومفصلة واتبعوه لأن متابعته تورث المحبة لعلكم تهتدون لكي تهتدوا ببركة متابعته إلى طريق محبته وآداب مودته. (وقد قال تعالى: فَبِما رَحْمَةٍ) قيل ما مزيدة للمبالغة والأظهر أنها مبهمة مفسرها رحمة والمعنى فبرحمة عظيمة ونعمة جسيمة كائنة (مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ [آل عمران: ١٥٩] ) أي تلطفت للخلق وتوجهت إليهم من الحق حيث وفقك للرفق وفيه إشارة خفية إلى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يريد الثبات على النبوة التي هي الولاية الخاصة الموجبة أن لا يغفل صاحبها عن الحضرة لحظة ولا لمحة مما يوجب التفرقة المانعة عن مقام الجمعية وأراد الله سبحانه وتعالى له الترقي إلى مقام جمع الجمع بحيث لا تحجبه الكثرة عن الوحدة ولا تمنعه الوحدة عن الكثرة وبهذا تبين أن مقام الرسالة أعلى مرتبة من ولاية الرسول المعبر عنها بالنبوة خلافا لمن توهم خلاف ذلك فقال الولاية خير من الرسالة وإن أول كلامه بأن المراد بالولاية النبوة لا جنس الولاية معللا بأن الولاية هي أخذ الفيض اللازم منه توجه صاحبه إلى الحق وأن الرسالة هي الإفادة بالإضافة المستلزمة للإقبال على الخلق فإنا نقول إذا استغرق في عين الجمع بحيث إنه فنى عن الجميع ولم يوجد في عين الشهود غيره موجود ولا في الدار غيره ديار فأنى يتصور منه الإقبال والإدبار وهذا بحر بلا قعر فيرجع إلى ساحل بلا وعر (الآية) وتمامها قوله وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا أي سيىء الخلق مع الخلق بناء على أن الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس