غليظ القلب أي شديدة بالعزلة عنهم لانفضوا من حولك أي تفرقوا عن مجلسك ولم يحصل لهم حظ من انسك فاعف عنهم ما صدر من الغفلة منهم واستغفر لهم فيما يختص بحق الله تعالى إتماما للشفقة عليهم وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ تلطفا بهم فَإِذا عَزَمْتَ بعد المشاورة أو الاستخارة فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ولا تعتمد على ما سواه إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ المعتمدين على ما قدره وقضاه فيهديهم إلى الصلاح وينصرهم بالنجاح والفلاح. (قال السّمرقندي ذكّرهم الله تعالى) وفي نسخة ذكر الله تعالى بتشديد الكاف (منّته) أي امتنانه وفي نسخة بنونين على صيغة الجمع لاشتمال هذه المنة على منن كثيرة (أنّه) أي سبحانه وتعالى (جعل) ويروى أن جعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، رحيما بالمؤمنين رؤوفا أي للمتقين فإن الرأفة أرق من الرحمة (ليّن الجانب) أي مع الأقارب والأجانب في جميع المراتب (ولو كان) أي بالفرض (فظّا) أي سيىء الخلق في الفعل (خشنا) أي غليظا (في القول لتفرّقوا من حوله) أي ولم ينتفعوا بفعله وقوله، (ولكن جعله) أي الله سبحانه وتعالى (سمحا) أي جوادا زيادة على ما طلب منه في معاملاتهم أو مسامحا لهم في فرطاتهم وزاد في نسخة سهلا أي لينا (طلقا) بفتح فسكون أي منبسط الوجه (برّا بفتح الباء أي بارا كثيرا الإحسان إلى أمته كالولد البار بأبويه وقرابته أو جامعا للخير كله فإنه من البر الذي هو وسيع الفضاء (لطيفا) أي رفيقا شريفا يراعي قويا وضعيفا (هكذا) أي مثل ما سبق لفظا أو معنى (قاله الضّحّاك) وهو ابن مزاحم الهلالي الخراساني يروي عن أبي هريرة وابن عباس وابن عمر وأنس رضي الله تعالى عنهم وعنه خلق وثقه أحمد وابن معين وضعفه شعبة أخرج له أصحاب السنن الأربع وتوفي سنة خمس ومائة، (وقال تعالى:
وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أي خيارا أو عدولا أو معتدلين في الأخلاق غير واقعين في طرفي الإفراط والتفريط من التشبيه والتعطيل والإسراف والتقتير والتهور والجبن وأمثال ذلك (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي بتبليغ رسالة أنبيائهم إليهم (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: ١٤٣] ) أي مطلعا ومشاهدا ومشرفا (قال أبو الحسن القابسيّ) بكسر الموحدة وسبق ذكره (أبان الله تعالى) أي أظهر ظهورا بينا (فضل نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم، وفضل أمّته بهذه الآية) أي بسببها أو فيها بقوله (وفي قوله) أي سبحانه وتعالى (في الآية الأخرى وَفِي هذا) متعلق بما قبله وهو أي سبحانه وتعالى سماكم المسلمين من قبل يعني في الكتب المتقدمة وفي هذا أي القرآن (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) بالتبليغ إليكم (وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ [الحج: ٧٨] ) بتبليغ رسلهم إليهم. (وكذلك) أي ومثل هذا المعنى يفيده (قوله تعالى: فَكَيْفَ) أي كيف حال الكفرة يوم الحسرة (إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) أي بنبي يشهد على أمته (الآية) وفي بعض النسخ بتمامها وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ أي على الشهداء من الأنبياء أو على أمتك من الأصفياء والأولياء شهدا حين يشهدون على الأمم المكذبة بتبليغ الأنبياء إليهم الرسالة، (وقوله تعالى: وَسَطاً أي