عدولا) وفي نسخة عدلا أي موصوفين بالعدالة والديانة (خيارا) أي مختارين من هذه الأمة إن كان الخطاب للصحابة وإن كان الخطاب لجميع الأمة فهم خيار الأمم السالفة (ومعنى هذه الآية) أي بناء على مبنى هذه العاطفة على الجملة المقدرة المعبر عنها بقوله: (وكما هديناكم) أي المستفاد من قوله تعالى يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فالمعنى كما هديناكم إلى صراط المستقيم والدين القويم المشترك بين عامة أهل التوحيد والتسليم (فكذلك خصّصناكم) بتشديد الصاد ويجوز تخفيفها (وفضّلناكم) أي على عامة الأمم الماضية (بأن جعلناكم أمّة) أي جماعة مجتمعة غير متفرقة بل متفقة على حقيقة واحدة (خيارا) أي مختارين بخير الرسل (عدولا) عادلين عاملين بأفضل الكتب، (لتشهدوا للأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام) أي الرسل (على أممهم) أي بتبليغ الرسالة يوم القيامة (ويشهد لكم الرّسول بالصّدق) أي بصدق القول وحق الأمانة والديانة، (قيل) قد ثبت بطرق متكاثرة كادت أن تكون متواترة فكان حقه أن يقول صح ونحوه ولا يعبر بقيل المشعر بضعفه إذ رواه البخاري وغيره (إنّ الله جلّ جلاله) أي عظم كبرياؤه (إذا سأل الأنبياء: هل بلّغتم) أي أممكم فيما أرسلتكم به إليهم (فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَتَقُولُ أُمَمُهُمْ، مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ، فَتَشْهَدُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَيُزَكِّيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي ويجيز الله تعالى شهادتهم بتزكيته لهم، (وقيل معنى الآية: إنّكم) بالفتح ويجوز الكسر أي أيها الأمة (حجّة) أي ذو شهادة ثابتة (على كلّ من خالفكم) أي من الأمم المكذبة (والرّسول صلى الله تعالى عليه وسلم حجّة) أي بينة واضحة دالة (عليكم) أي على صدقكم وصدق من وافقكم. (حكاه السّمرقنديّ) أي نقل هذا القول عن بعض المفسرين، (وقال تعالى) أي فيما أثنى عليه وبين إكرامه لديه: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي من أمتك لا من غيرهم (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ [يُونُسَ: ٢] ) ما قدموه من الأعمال الصالحة كما قاله الخطابي وغيره من المفسرين وقال بعضهم ما قدم لهم عند ربهم من السعادة السابقة في اللوح المحفوظ وقد قال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه
لنا القدم الأولى إليك خلفنا ... لا ولنا في طاعة الله تابع
(قال قتادة والحسن) تقدم ذكرهما (وزيد بن أسلم) هو أبو أسامة مولى عمر بن الخطاب توفي سنة ست وثلاثين ومائة (قدم صدق هو محمّد صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ لَهُمْ وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا) أي في رواية أخرى: (هي) أي قدم صدق وأنت الضمير لتأنيث خبره وهو قوله (مصيبتهم بنبيّهم) سواء أدركوا الموت أو حصل لهم جملة الفوت فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم حينئذ يكون لهم فرط حق وقدم صدق عند ربهم قال الحجازي يروي هي فضيلتهم بينهم أي فيما بينهم ولا يخفى عدم ملائمته للمقام ولعله تصحيف أو تحريف ولو كان فضيلتهم بنبيهم لكان وجها وجيها فإنه حينئذ لهم سبق حال صدق وتقدم مقام حق