للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وفي نسخة بآداب القرآن فهو مصدر بمعنى المفعول أي بما يتأدب به منه (في قوله وفعله) أي مع الحق فيتسم بالعدل والصدق في معاملاته، (ومعاطاته) أي عطائه وأخذه ومناولاته، (ومحاوراته) بالحاء المهملة أي مخاطباته ومجاوباته ومراجعاته ومعارضاته مع الخلق فإن الصالح من قام بحقوق الله وحقوق العباد وكلها مستفاد من القرآن على أحسن البيان ولذا لما قيل لعائشة رضي الله تعالى عنها عن خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن تعني كان يمتثل لمأموراته ويجتنب عن منهياته وفيه إيماء إلى أنه لا يكون كمن قال لاخيه وهو يحاوره أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً مفتخرا بذلك متغررا به كافرا لنعمة ربه معرضا نفسه لسخطه مستوليا عليه حرصه متماديا في غفلته تاركا نظره في عاقبته ولعمري إن أكثر الأغنياء الأغبياء وإن لم يلهجوا بنحوه فألسنة أحوالهم ناطقة مع شهود أفعالهم، (فهو) أي القرآن (عنصر المعارف الحقيقيّة) أي اساسها ومنبعها من الأمور العلمية والأحوال العملية بضم العين والصاد وبفتح الأصل (وروضة الآداب الدّينيّة والدّنيويّة) أي المحتاج إليها في أمور الدين والدنيا مما له تعلق بأمر العقبى وطريق المولى لقوله تعالى وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ والعجب كل العجب من المؤمن بالكتاب والسنة المبينة للخطاب أن يعدل عن تعلمهما والعمل بهما مع أن بعضهما فرض عين خاصة ومنهما فرض كفاية عامة وهو يقدم عليهما اكتساب العلوم المذمومة أو المباحة من المنطق والكلام والهيئة والحساب والفلسفة ودقائق العربية وغيرهما مما كان السلف لم يتداولوها ولم يتناولوها بل طعنوا فيها وفي من قبل عليها، (وليتأمّل) أي وليتدبر المسلم المذكور (هذه الملاحظة العجيبة) أي والمخاطبة الغريبة الكائنة (في السّؤال) أي سؤاله سبحانه وتعالى بصورة الاستفهام عنه عليه الصلاة والسلام (من ربّ الأرباب) أي المنزه عن المناسبة بينه وبين ما خلق من التراب (المنعم على الكلّ) أي عموما وخصوصا (المستغني عن الجميع) أي جميع العباد والسعداء والاشقياء أو عن عبادة جميعهم هذا قال الجوهري كل وبعض معرفتان ولم يجيئا عن العرب بالألف واللام وهو جائز لأن فيهما معنى الإضافة أضيفت أو لم تضف انتهى وقال ابن فارس كل اسم موضوع للإحاطة يكون مضافا أبدا إلى ما بعده وقد صرح الزجاج بقوله بدل البعض من الكل كما حكاه عنه أبو حيان (ويستثر) بفتح التحتية وسكون المهملة وفتح الفوقية وكسر المثلثة من ثار الشيء إذا ارتفع وانتشر واستثاره طلب ظهوره ويروى ويتبين وجعله الحجازي أصلا كما في نسخة والظاهر أن يكون مجزوما للعطف على يتأمل كما جزم به الدلجي ويجوز رفعه كما في نسخة أي يظهر وينشر ويبحث ويستخرج (ما فيها) أي في هذه الملاطفة العجيبة (من الفوائد) أي المنافع الغريبة، (وكيف) أي ومن جملتها أن يعلم أنه سبحانه وتعالى كيف (ابتدأ) أي في الخطاب (بالإكرام) أي بتعظيمه بقوله عَفَا اللَّهُ عَنْكَ مصدرا في الكتاب (قبل العتب) بفتح وسكون

<<  <  ج: ص:  >  >>