الظاهر بهذه الصفات التي هي علامات المحبة أو المراد بهذه الصفة إحياء السنة وأمثالها من أنواع الموافقة والمتابعة الصادقة (فهو كامل المحبّة لله تعالى) أي أصالة (ولرسوله) أي تبعا (ومن خالفها) أي هذه الصفات (في بعض هذه الأمور) أي المذكورة (فهو ناقص المحبّة ولا يخرج) أي ولكن لا يخرج مع هذا (عن اسمها) أي عن اسم المحبة فيجوز إطلاق المحب عليه في الجملة (ودليله) أي ودليل عدم خروج ناقص المحبة عن أصل المحبة (قوله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي كما في حديث البخاري عن عمر رضي الله تعالى عنه (للّذي حدّه في الخمر) أي لأجله وفي حقه وهو عبد الله الملقب بالحمار كذا وقع في صحيح البخاري وهو صاحب مزاح كان يهدي للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويضحكه (فلعنه بعضهم) وفي صحيح البخاري فقال بعض القوم أخزاك الله تعالى قال بعض الحفاظ القائل به هو عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه رواه البيهقي وفي رواية له فقال رجل من القوم اللهم العنه (وقال) أي ذلك البعض تعليلا لطعنه ولعنه (مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ ورسوله) وفي كلام الدمياطي في حواشيه على البخاري أن هذا وهم منه فإن صاحب القصة نعيمان تصغير نعمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن غنم بن مالك بن النجار شهد العقبة مع السبعين وبدرا واحدا والخندق وسائر المشاهد وأتي به في شرب الخمر إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فجلده أربعا أو خمسا فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يشرب وأكثر ما يجلد فقال عليه الصلاة والسلام لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله وكان صاحب مزاح انتهى وقال الواقدي بقي نعيمان حتى توفي أيام معاوية وكان كثير المزاح يضحك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من مزاحه انتهى ومما يحكى عن نعيمان هذا أنه كان لا يدخل في المدينة طرفة أو تحفة إلّا اشترى وجاء بها إليه صلى الله تعالى عليه وسلم ويقول أهديته لك فإذا جاء صاحبه يطالبه بثمنه جاء به إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله أعطه ثمن متاعه فيقول النبي عليه الصلاة والسلام أو لم تهده فيقول يا رسول الله لم يكن والله عندي ثمنه وأحببت أن تأكله فيضحك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويأمر لصاحبه بثمنه وفي هذا الحديث بشارة عظيمة وإشارة جسيمة لعصاة المؤمنين وحجة واضحة وبينة لائحة لأهل السنة والجماعة على الخوارج والمعتزلة حيث قالوا يكفر من فعل كبيرة أو هي مخرجة له من الإيمان ولا تدخله في الكفر فيثبتون لصاحبها منزلة بين المنزلتين ويقولون بتخليده في النار (ومن علامات محبّة النبيّ) أي محبته للنبي (صلى الله تعالى عليه وسلم كثرة ذكره له) أي في الحالات والأوقات (فمن أحبّ شيئا أكثر من ذكره) أي وصرف إليه غالب فكره وقوله من أحب شيئا أكثر من ذكره حديث رواه الديلمي في مسند الفردوس عن عائشة رضي الله تعالى عنها (ومنها) أي من علامات محبته عليه عليه الصلاة والسلام (كثرة شوقه إلى لقائه) أي إلى مشاهدة طلعة ذاته في دار بقائه (فكلّ حبيب) أي محب (يحبّ لقاء حبيبه) أي محبوبه