الرجاء والمحبة أفضل من مقام الخوف والهيبة بالنسبة إلى المنتهين وعكسه بالإضافة إلى المبتدئين ويسمى الأولون بالطيارين والآخرون بالسيارين ثم هذه الأوصاف المحمودة كلها مقتبسة من قوله تعالى في مدح المؤمنين الموقنين حيث قال تعالى أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ إلى أن قال تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ الآية فذكر الله وذكر رسوله متلازمان في حصول كل واحد ووصوله (ومنها) أي ومن علامات محبة الإنسان للنبي عليه الصلاة والسلام (محبّته لمن أحبّ النّبيّ) بالرفع أي أحبه النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) ويجوز أن ينصب كما في نسخة وهو المعنى الأعم الأتم لكن الأول هو المناسب لسياق الكلام والله تعالى أعلم ولذا عطف عليه بقوله (ومن) أي ولمن (هو بنسبه) أي بسبب نسبه ونسبته وفي نسخة نسبه أي منسوبه (من آل بيته) أي أهل بيته وفي أصل الحجازي بنون وشين معجمة وموحدة (وَصَحَابَتِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَعَدَاوَةُ مَنْ عَادَاهُمْ) أي تجاوز الحد الشرعي في حقهم من الكفار (وبغض من أبغضهم) أي كرههم وقلاهم من الفجار (وسبّهم) أي وبغض من شتمهم من كلاب أهل النار (فمن أحبّ شيئا) أي أحدا (أحبّ من يحبّ) وفي نسخة من يحبه أي ذلك المحبوب ويبغض من يبغضه (وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم) كما في البخاري وغيره (في الحسن والحسين) أي في حقهما وشأنهما (اللهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما) أي زد لهما الهدى والتوفيق في الدنيا وحسن المثوبة ورفعة الدرجة في العقبى (وقال) أي في رواية (من أحبّهما فقد أحبّني) أي فكأنه أحبني (ومن أحبّني) حقيقة (فقد أحبّ الله تعالى ومن أبغضهما فقد أبغضني) أي فكأنه أبغضني (ومن أبغضني) حقيقة (فقد أبغض الله تعالى) أي ومن أبغض الله فقد كفر بالله (وفي رواية) أي أخرى (في الحسن) أي قال في حق الحسن وحده (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ وَقَالَ) أي في رواية الترمذي (الله الله) بالنصب فيهما أي اتقوه واحذروه (في أصحابي) ولا تذكروهم بسوء فإنهم أحبابي (لا تتّخذوهم غرضا) بمعجمتين أي هدفا ترمونهم بما لا يليق من الكلام كما يرمى الهدف بالسهام وفي نسخة عرضا بالعين المهملة والظاهر أنه تصحيف (بعدي) أي في غيبتي أيام حياتي أو بعد مماتي (فمن أحبّهم فبحبّي) أي فبسبب حبه إياي أو حبي إياهم (أحبّهم ومن أبغضهم فببغضي) أي فبسبب بغضه إياي (أبغضهم) ومن هنا قول بعض المالكية من سبهم قتل (ومن آذاهم) أي بما يسوؤهم (فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تعالى) أي خالفه وكره الله فعله (ومن آذى الله يوشك) أي يقرب ويسرع (أن يأخذه) أي الله تعالى كما في نسخة ولعل الحديث مقتبس من قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (وقال) أي كما رواه البخاري وغيره (في فاطمة) أي في شأنها (أنّها بضعة) بفتح الموحدة وتكسر أي جزء وقطعة (منّي) أي من لحمي ودمي (يغضبني ما أغضبها) وفي نسخة ما يغضبها وقد