الصلاة والسلام عدوا (ومجانبة من خالف سنّته) أي طريقته أي عمل بغيرها (وابتدع في دينه) أي أظهر البدع في سبيله (واستثقاله) أي عد المؤمن المحب ثقيلا (كلّ أمر) أي من قول أو فعل أو حال ويروى واستثقال كُلَّ أَمْرٍ (يُخَالِفُ شَرِيعَتَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى) أي اعلاما بما ذكر من كمال محبته (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي يكملون في الإيمان بحسب الباطن والظاهر (يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[المجادلة: ٢٢] أي يحابون ويصادقون من خالفهما والمعنى أنه لا ينبغي أن يكون هذا الأمر بل حقه أن يمتنع مبالغة في النهي عنه بمجانبة أعدائهما (ولو كانوا آباءهم) أي أصولهم (أو أبناءهم) أي فروعهم (أو إخوانهم) أي أقرانهم (أو عشيرتهم) أي أقاربهم وأهل صحبتهم وهو تعميم بعد تخصيص (وهؤلاء) أي المؤمنون بالله واليوم الآخر حقا (أصحابه) أي عدلا وصدقا (قد قتلوا أحبّاءهم) أي أحبابهم وأصحابهم (وقاتلوا آباءهم وأبناءهم في مرضاته) أي في سبيل رضى الله ورسوله روي عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن الآية عني بها جماعة من الصحابة فقوله ولو كانوا آباءهم يريد أبا عبيدة قتل أباه يوم أحد أو أبناءهم يريد أبا بكر رضي الله تعالى عنه لأنه دعا ابنه للبراز يوم بدر فأمره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقعد أو إخوانهم يريد مصعب بن عمير لأنه قتل أخاه يوم أحد أو عشيرتهم يريد عليا ونحوه ممن قتلوا عشائرهم كذا في مبهمات القرآن لشيخ مشايخنا الجلال السيوطي وقد قتل عمر خاله العاص بن هشام يوم بدر على ما نقله الدلجي (وقال له) أي للنبي عليه الصلاة والسلام (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ) وكان أبوه علم النفاق ورأس الكفر ورئيس الشقاق وهو من أكابر أهل الوفاق (لو شئت) لو أردت وأمرت بقتله (لأتيتك برأسه يعني) أي يريد بضميره (أباه) أي عبد الله والحديث رواه البخاري وقال ذلك لما هموا بأبيه حين بلغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الأذل وعنى بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأتى ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي لما بلغك عنه فإن كنت فاعلا فمرني به وأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالديه مني وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتل فلا تدعني نفسي أن انظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فاقتله فاقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا استشهد عبد الله رضي الله عنه يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه سنة اثنتي عشرة روى عنه أبو هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهما وغيرهما (ومنها) أي من علامات محبته عليه الصلاة والسلام (أَنْ يُحِبَّ الْقُرْآنَ الَّذِي أَتَى بِهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم وهدى به) أي بسببه الأنام (واهتدى) أي في نفسه بأخلاق الكرام (وتخلّق به) أي اتخذه خلقا في جميع الأحكام (حتّى قالت عائشة رضي الله تعالى عنها) أي في تفسير قوله تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (كان خلقه القرآن) أي كان ممتثلا