بأوامره ومنتهيا عن زواجره ومتمسكا بآدابه وما اشتمل عليه من مكارم أخلاقه نحو قوله تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وأمثاله (وحبّه القرآن) أي علامة حبه له (تلاوته) أي دوام قراءته (والعمل به) والأنسب ما في نسخة من تأخيره عن قوله (وتفهّمه) أي طلب فهمه في مواعظه وقصصه ووعده ووعيده وبيان أحوال أنبيائه وأوليائه وعاقبة أعدائه (ويحبّ) أي وأن يحب (سنّته) أي أحاديثه (ويقف عند حدودها) أي أوامرها ونواهيها (قال سهل بن عبد الله) التستري (عَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ حُبُّ الْقُرْآنِ وَعَلَامَةُ حُبِّ القرآن حبّ النّبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَامَةُ حُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم حبّ السّنّة) أي حب أحاديثه وأخباره وأحواله وسيره وآثاره (وعلامة حبّ السّنّة) أي بعد علمها وفهمها (حبّ الآخرة) إذ أقل العلم معرفة أن الدنيا فانية والآخرة باقية ونتيجته أن يعرض عن الدنيا ويقبل على العقبى وهذا معنى قوله (وعلامة حبّ الآخرة بغض الدّنيا) لأنهما لا يجتمعان لقوله عليه الصلاة والسلام من أحب آخرته أضر بدنياه ومن أحب دنياه أضر بآخرته فآثروا ما يبقى على ما يفنى وقد شبهتا بالضرتين وبالكفتين (وعلامة بغض الدّنيا أن لا يدّخر منها) أي لا يأخذ ولا يمسك منه (إلّا زادا) أي قدر ما يتزود به (وبلغة) بضم فسكون أي مقدار ما يبلغه (إلى الآخرة) فإن تحصيل الزيادة على قدر الضرورة وبال وحسرة فإن حلالها حساب وحرامها عقاب والاشتغال بها حجاب وفي أصل الحجازي زاد وبلغة بالرفع فيقرأ لا يدخر مجهولا (وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه لا يسأل أحد عن نفسه) أي عن طيب حالها وخبث مآلها (إلّا القرآن) فإنه ميزان الإنسان للعدل والإحسان (فإن كان يحبّ القرآن) أي تلاوته ومتابعته (فهو يحبّ الله ورسوله) أي ومن يحبهما فهما يحبانه أيضا والمعنى أنه لا ينبغي لأحد أن يرضى بما في نفسه من الدعوى فإنه كما قيل ما أيسر الدعوة وما أعسر المعنى (ومن علامات حبّه) أي أصل حب المؤمن المحب (للنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم شفقته) أي خوفه ومرحمته (على أمّته ونصحه لهم) أي قيامة بنصيحتهم في أمرهم ونهيهم وموعظتهم (وسعيه في مصالحهم) أي الدينية والدنيوية الضرورية (ورفع المضارّ عنهم) أي بعد وقوعها ووصولها وفي نسخة ودفع المضار عنهم أي عند خوف حصولها (كما كان صلى الله تعالى عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفا رحيما) والرأفة شدة الرحمة ولعلها كانت مختصة بكمل المؤمنين وعموم الرحمة لعامة المؤمنين مع أنه كان رحمة للعالمين وفيه إشارة إلى حسن المتابعة وكمال الموافقة وإيماء إلى قوله عليه الصلاة والسلام تخلقوا بأخلاق الله تعالى والمعنى أن التخلق يكون بقدر التعلق في باب التحقق (ومن علامة تمام محبّته) أي وكمال متابعته (زهد مدّعيها) أي قلة رغبة مدعي محبته عليه الصلاة والسلام (في الدّنيا) أي التي هي دار الأكدار ومقام الآلام (وإيثاره) أي اختياره (الفقر) أي قلة المال على كثرته (واتّصافه به) أي بالفقر حال ضرورته ويكون غني القلب في صورته وهذا إنما يكون بإعراضه عنها وتركه الالتفات إليها وعدم الإقبال عليها وسئل الزهري عن الزهد فقال هو إن