للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأويلات السابقة. (وعن كعب) أي كعب الاحبار (يس» قَسَمٌ أَقَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ قَبْلَ أن يخلق السّماء والأرض بألفي عام) الظاهر أن المراد به الكثرة الخارجة عن التعديد لا التحديد وأن المقصود به هو أنه سبحانه وتعالى أقسم برسوله الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم في كلامه القديم. (يا محمّد إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) فكأنه أراد أن التقدير أقسم بك يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، (ثُمَّ قَالَ تعالى) أي إظهارا بعد ذكره اضمارا وتأكيدا بعد اقسامه تأييدا:

(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس: ٢- ٣] ) على أنه لا بدع أنه سبحانه أقسم به صلى الله تعالى عليه وسلم قبل خلق الكائنات بألفي عام عند إبداع روحه الشريف وابداء نوره اللطيف صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قال في كتابه القديم مطابقا لما أقسم برسوله العظيم صلى الله تعالى عليه وسلم وبهذا يندفع ما ذكره المنجاني من أن هذا القول عندي في غاية الإشكال لأن القرآن كلام الله وكلامه صفة من صفاته القديمة فلا يصح أن يذكر في تقدمه عن خلق الأرض مقدارا معينا لأن خلقها محدث فالأولى أن تضعف الروايات الواردة عن كعب بهذا ما أمكن فإن صح ذلك عنده فليترك علمه إلى الله سبحانه وتعالى إذ لا يقول كعب هذا إلا بتوقيف وليس ذلك مما يدرك بالاجتهاد والرأي انتهى وفيه أن كعبا ممن ينقل عن الكتب السالفة والعلماء الماضية فلا يقال في حقه إنه لا يقول إلا بتوقيف فإن هذا الحكم مختص بالأقوال الموقوفة المروية عن الصحابة رضي الله عنهم ممن ليس لهم رواية عن غيره صلى الله تعالى عليه وسلم فموقوفهم حينئذ حكم مرفوعهم كما هو مقرر في علم أصول الحديث حتى لم يعدوا عمرو بن العاص ممن لا يقول إلا بالتوقيف فافرق بين القول الصحيح والضعيف وقد يجاب بأن المراد به أنه أبرزه في أم الكتاب أي اللوح المحفوظ إذ ما من كائن إلا وهو مكتوب فيه ثم قال المصنف. (فإن قدّر) أي فرض وفي نسخة قرر (أنّه) أي يس (من أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وصحّ فيه) أي في القول (أنّه قسم) أي أيضا (كان فيه من التّعظيم ما تقدّم) أي من أن الله تعالى ما أقسم بحياة أحد غيره صلى الله تعالى عليه وسلم، (ويؤكّد فيه القسم) أي المستفاد من المقدر المرموز، (عطف القسم الآخر) بالفتح وجوز الكسر وهو المذكور المصرح (عليه) أي على ذلك القسم فتكون الواو الثانية عاطفة أو مؤكدة كما أشرنا إليه، (وإن كان) أي مجموع يس (بمعنى النّداء) يعني وليس المراد به أنه من الاسماء وإن كان يس بمعنى المنادى (فقد جاء قسم آخر فيه) أي قسم آخر ليس وجهه مما يظهر (بعده) أي بعد ندائه (لتحقيق رسالته) أي بقوله إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (والشّهادة بهدايته صلى الله تعالى عليه وسلم) أي حيث قال عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، (أقسم الله تعالى باسمه) أي بناء على القول الأول في يس، (وكتابه) أي في قوله وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (إِنَّهُ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ بِوَحْيِهِ إِلَى عِبَادِهِ، وَعَلَى صراط مستقيم، من إيمانه) أي الموجب لإيقانه والمقتضي لإكمال أعمال أركانه، (أي) يعني معنى صراط مستقيم أنه من الثابتين (على طريق لا اعوجاج فيه) أي لا ميل إلى طرفي الإفراط والتفريط من تشبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>