وتعطيل وجبر وقدر (ولا عدول عن الحقّ) أي عن الحكم الثابت بالوجه الصدق أو عن الوصول إليه سبحانه وتعالى والحصول على رضاه عز شأنه. (قال النّقاش) أبو بكر محمد ابن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي البغدادي المفسر المقري توفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وقد اثنى عليه أبو عمرو الداني وقد طعنوا في رواية حديثه (لَمْ يُقْسِمِ اللَّهُ تَعَالَى لِأَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِ بالرّسالة في كتابه) أي القرآن لعدم علم النقاش بسائر خطابه ولا يبعد أن يراد به جنس كتابه (إلّا له) صلى الله تعالى عليه وسلم، (وفيه) أي وفي هذا التخصيص (من تعظيمه وتمجيده) أي تكريمه صلى الله تعالى عليه وسلم (على تأويل من قال) أي في يس (إنّه سيّد ما فيه) أي الذي فيه من غاية التفخيم الذي يعجز عن بيانه نطاق التكليم. (وقد قال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فخر) قال المنجاني وأكثر الروايات في هذا الحديث أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وهكذا رواه مسلم والترمذي قلت وفي الجامع الصغير أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مشفع ورواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة ورواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن أبي سعيد ولفظه أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نَبِيٌّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ولا فخر انتهى ولا شك أن زيادة الثقة مقبولة والمعنى لا أقوله افتخارا لمقامي بل تحدثنا بنعمة ربي أو المعنى لا فخر بهذا بل بما فوقه مما لا يعبر ثم السد في اللغة الشريف الذي فاق قومه في الخير وهو فعيل بكسر العين من ساد يسود وهو المعتمد الذي عليه البصريون ونظيره صيب وثيب والحاصل أن المصنف أتى بهذا الحديث عاضدا للقول بأن المراد في الآية يا سيد كما بيناه سابقا (وقال جل جلاله) أي عظم شأنه وعز سلطانه: (لَا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ [البلد: ١- ٢] ) ادخال النافية للتأكيد شائع في كلام العرب وسائغ عند علماء الأدب فالمعنى أنه سبحانه وتعالى أقسم بالبلد الحرام وقيده بحلول رسوله عليه الصلاة والسلام به إظهارا لمزيد فضله وإشعارا بأن شرف المكان بشرف أهله وهذا المعنى باعتبار مفهومه يفيد ما عبر عنه المصنف بقوله (قِيلَ لَا أُقْسِمُ بِهِ إِذَا لَمْ تَكُنْ فيه بعد خروجك منه. حكاه مكّيّ) أي هذا القول عن بعضهم وبما قررناه وبيناه وحررناه اندفع ما قاله المنجاني من أن هذا الذي حكاه عن مكي لا يستقيم تنزيله على الآية لأنه عكس مقتضاها الا ترى أن الواو من قوله تعالى وَأَنْتَ حِلٌّ واو الحال وإذا كانت كذلك فيكون معنى الآية لا أقسم بهذا البلد إذا كنت فيه وهو ضد ما قال مكي وإنما تتأول الآية على أن تكون لا زائدة فيها أي أقسم بهذا البلد وأنت حل به ساكن فيه وإلى هذا ذهب الزجاج انتهى ولعل منشأ هذا الاعتراض هو المقابلة بقوله، (وقيل لا زائدة) وليس كذلك فإن مراده مستقيم على تقدير عدم زيادة لا ايضا كما قال مجاهد إنها رد لكلام تقدم والمعنى ليس الأمر كما توهم من توهم وأقسم بعدها إثبات للقسم ويؤيده قراءة الحسن البصري لا قسم بدون الألف