إلى الدرجات العلى (قال ابن إسحاق) تقدم أنه إمام أهل المغازي (أي مالك) بفتح ميم وهمز ممدود ورفع لام أي ما تؤول إليه ومصيرك (في مرجعك) أي معادك باقيا خالصا من الشوائب مما أعد لك من المراتب (عند الله) في العقبى (أعظم ممّا أعطاك من كرامة الدّنيا) ويروى كما في بعض النسخ ما لك على أن ما موصول والعائد محذوف يعني الذي أعطاكه في الاخرى خير لك من الذي اعطاكه في الأولى. (وقال سهل: أي ما ادّخرت) بتشديد الدال المهملة وقيل بالمعجمة من الذخيرة وهي الشيء النفيس يخبأ للنوائب وذاله معجمة ويقال ادخرته على افتعل يهمل ويعجم والمعنى واحد وقيل بالمعجمة ما يكون للآخرة وبالمهملة ما يكون للدنيا ونسب إلى أئمة اللغة وهي غير مشهورة ودلالة قوله تعالى تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ عليه غير صحيحه والمعنى الذي خبأته (لك من الشّفاعة) أي العظمى أو الخاصة بهذه الأمة (والمقام المحمود) أي المرتبة العلية الشاملة للشفاعة الكاملة لجميع الافراد البشرية (خير لك ممّا أعطيتك في الدّنيا) أي من الرفعة وعلو المرتبة ونفاذ الحكومة ويؤيده ما ورد في الحديث القدسي والكلام الأنسي أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ويجوز أن يراد بالمقام المحمود كما هو ظاهر الآية كل مقام يتضمن كرامة وإن كان الأكثرون على أنه مقام الشفاعة الكبرى الذي يحمده فيه الأولون والآخرون بشهادة حديث هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي أي خصوصا وسائر الأمم عموما. (الرّابع) أي من الستة (قوله تعالى وَلَسَوْفَ) خبر مبتدأ محذوف دخله بعد حذفه لام الابتداء لتأكيد مضمون الجملة أي ولأنت سوف (يُعْطِيكَ رَبُّكَ) أي ما يرضيك وتقر به عينك (فَتَرْضى [الضحى: ٥] ) أي غاية الرضى والجمع بين حرفي التأكيد والتأخير للإيماء بأن العطاء كائن لا محالة وفي مصحف ابن مسعود ولسيطيك ثم أكثر المفسرين على أن هذا العطاء في الأخرى وعن بعض العلماء أنه إشارة إلى فتح مكة في الدنيا (وهذه الآية) أي ولسوف وفي بعض النسخ وَهَذِهِ آيَةٌ (جَامِعَةٌ لِوُجُوهِ الْكَرَامَةِ، وَأَنْوَاعِ السَّعَادَةِ) أي ما أعطاه في الدنيا وما وعده في العقبى، (وشتات الإنعام) بكسر الهمزة من أنعم إذا زاد على الإحسان أي متفرقا أنواع الإكرام مما لا يعلم كنهه أحد من الأنام (في الدّارين، والزّيادة) بالجر أي وجامعة للزيادة على ما أعطاه في الدنيا ووعده في العقبى من أنواع الكرامة والدرجات العلى. (قال ابن إسحاق) تقدم ذكره وقال التلمساني هو صاحب السير والمقدم فيها والمشهور بالمغازي والتاريخ توفي ببغداد سنة إحدى وخمسين ومائة وكان بينه وبين مالك كلام ومحاورة وذلك أن الأئمة اتفقوا على أن مالكا عربي صريح النسب من ذي أصبح حميري يماني وذهب ابن إسحاق إلى أنه من الموالي وقوله شاذ رواه الأئمة والله سبحانه وتعالى أعلم والحاصل أنه قال في سيرته (يرضيه) أي الله سبحانه وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام (بالفلج) وهو على ما في الصحاح بفتح الفاء واللام وبالجيم والاسم بضم الفاء وسكون اللام أي الفوز بأحبائه والظفر بأعدائه ومنه قوله صلى الله تعالى