عليه وسلم في وصف القرآن مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عدل ومن خاصم به فلج قال ابن هشام معناه ظهر وغلب وظفر والحاصل أن في الأصل نسختين مضبوطتين وفي المثل من يأت الحكم وحده يفلج أي يظهر على خصمه (في الدّنيا) كيوم بدر وقريظة والنضير وفتح مكة (والثّواب في الآخرة) أي مما أخفى له من قرة أعين وهذا القول من ابن إسحاق ليس كقول سهل بل هو قول ثالث يشير إلى أن الآية مقتضية رضاه في الدنيا والعقبى معا قيل وهو الصواب في معنى الآية. (وقيل يعطيه الحوض) أي المورود (والشّفاعة) أي المقام المحمود وهو داخل فيما قبله بلا مراء وكل الصيد في جوف الفرا وفسر عطاء وغيره الحوض بالخير الكثير تمسكا بما في رواية البخاري ومسلم أي عن أنس بن مالك بينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في المسجد أغفى اغفاء ثم رفع رأسه فقال نزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر: ١- ٣] ثم قال أتدرون ما الكوثر هو نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوض ترده أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء وفي رواية لهما الكوثر نهر في الجنة عليه حوضي أي يمد ماؤه منه وفي مسلم ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل يغث فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق ويغث بغين معجمة مضمومة فمثناة فوقية مشددة ومعناه يجري جريا متتابعا له صوت. (وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) وهو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على ما ذكره الثعلبي في تفسيره (أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ آيَةٌ فِي الْقُرْآنِ أَرْجَى منها) أي من آية وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ثم بيّن وجهه بقوله، (ولا يرضى رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ النّار) ورواه عنه أيضا ابو نعيم في الحلية موقوفا والديلمي في مسند الفردوس مرفوعا فبطل بهذا قول الحلبي قد ظهر لي والله تعالى أعلم أن هذا الرجل هو الحسن بن محمد ابن الحنفية وذلك أنه أول المرجئة وله فيه تصنيف انتهى وروي أنه لما نزلت قال إذن لا أرضى أن يكون واحد من أمتي في النار قال الدلجي وهذا إن صح فيشكل بما ورد مؤذنا بدخول بعض عصاتهم فيها ومن ثم قال ابن عبد السلام وغيره لا يجوز الدعاء لجميع المؤمنين بمغفرة جميع ذنوبهم إذ لا بد من دخول بعض منهم فيه ويعارضه رب رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ انتهى ولا يخفى أن المعارضة مدفوعة إذ ليس في الآية لفظ الجميع الشامل للإفراد كلها والإشكال السابق أيضا مدفوع بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يرضى رضى كاملا إلا إذا وقعت شفاعته لجميع أمته كاملا وهذا أمر في المستقبل فلا ينافي دخول بعض الأمة النار في الماضي فتأمل هذا وفي حديث الترمذي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال ما في القرآن آية أحب إلي من قوله سبحانه وتعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وقيل أرجى آية في القرآن لأهل التوحيد قوله تعالى وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ وقيل قوله تعالى إِنَّا قَدْ