للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمراعاته وقد قال بعض علمائنا إن رفع الصوت في المساجد ولو بالذكر حرام لما يشوش على أهلها العبادة ويشغل خاطرهم عما تتعلق به الإرادة قال الدلجي وقد اتفق العلماء عليه بشهادة الحصر في حديث إنما بنيت المساجد للذكر والعبادة هذا وفي صحيح البخاري بسنده إلى السائب بن يزيد هو الكندي وله صحبة كنت قائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال اذهب فأتني بهذين فجئته بهما فقال ممن أنتما أو من أين أنتما قالا من أهل الطائف قال لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولعله سامحهما لكونهما قريبي العهد من الإيمان والإسلام وآدابهما أو لكونهما من الغرباء فأوجب مراعاة حالهما (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أن يعتمد) وفي نسخة صحيحة أن يتعمد أي يقصد (المسجد) أي فيه (برفع الصّوت ولا بشيء من الأذى) أي من دخوله فيه أو رميه من بصاق ونحوه (وأن ينزّه عمّا يكره) أي من بيعه وشرائه وحلاقة رأسه وقص ظفره وقتل قملة ونحوها فإن المساجد لم تبن لذلك وإنما بنيت لذكر الله ولما يناسب هنالك (قال القاضي) يعني المصنف (حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ فِي مَبْسُوطِهِ) وهو الإمام شيخ الإسلام إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي مولاهم البصري ثم البغدادي المالكي الحافظ صاحب التصانيف ولد سنة ستع وتسعين ومائة وقرأ على قالون وتفقه وأخذ علم الحديث وقاله عن ابن المديني روى عنه جماعة وتفقه عليه طائفة قال الخطيب كان عالما متقنا فقيها شرح مذهب مالك واحتج له وصنف المسند وصنف في علوم القرآن وله كتاب أحكام القرآن لم يسبق إلى مثله وكتاب معاني القرآن وكتاب القراآت واستوطن بغداد وولى قضاءها إلى أن توفي وقال غيره صنف موطأ وصنف كتابا كبيرا نحو مائة جزء في الرد على محمد بن الحسن لم يتمه توفي إسماعيل فجأة في ذي الحجة سنة اثنين وثمانين ومائتين وروى النسائي في الكنى عن إبراهيم بن موسى عن إسماعيل القاضي عن ابن المديني والحاصل أنه ذكر فيه (فِي بَابِ فَضْلِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم والعلماء كلّهم متّفقون أنّ حكم سائر المساجد هذا الحكم) أقول لكن لا شبهة في تفاوت مراتب المساجد في هذا الحكم وغيره من المقاصد (قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ويكره في مسجد الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم الجهر) أي رفع الصوت (على المصلّين فيما يخلّط) بتشديد اللام المكسورة أي يلبس ويشبه (عليهم صلاتهم) أي من جهة قراآتهم وعدد ركعاتهم (وَلَيْسَ مِمَّا يُخَصُّ بِهِ الْمَسَاجِدُ رَفْعُ الصَّوْتِ) أي بالكلام فرفع الصوت مرفوع على أنه اسم ليس ومما يخص محله النصب على الخبر والمساجد مرفوع على أنه نائب الفاعل (قد كره) بصيغة المفعول أي كره جماعة (رفع الصّوت بالتّلبية) أي مع كونها ذكرا وسنة (في مساجد الجماعات إلّا المسجد الحرام ومسجد منى) أقول هذا الاستثناء إنما هو على مقتضى مذهبه ومختار مشربه وإلا الصحيح من مذهبنا أنه يكره رفع الصوت مطلقا في جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>