نسخة الحسن (بن محمد الحافظ) أي حافظ عصره ومحدث دهره وهو الغساني (ثنا) أي قال حدثنا (أبو عمر النّمريّ) بفتح النون وكسر الميم وهو ابن عبد البر حافظ الغرب (حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود) أي صاحب السنن (حدّثنا مسدّد) بفتح الدال الأولى مشددة (حدّثنا سفيان) أي ابن عيينة (عن الزّهريّ) وهو الإمام ابن شهاب (عن سعيد بن المسيّب) من قيل فيه أنه أفضل التابعين (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قال لا تشدّ الرّحال) جمع راحلة وهي الصالحة لأن ترحل أو يشد الرحل عليها والرحل للبعير كالسراج للفرس والمعنيان يحتملان هنا وفي النهاية الراحلة من الرحيل البعير القوي على الاسفار والاحمال للذكر والأنثى والهاء للمبالغة ومنه قوله عليه الصلاة والسلام الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة والمعنى لا ينبغي أن تركب دابة لزيارة مسجد من المساجد (إلّا إلى ثلاثة مساجد) لفضلها على غيرها في كونها مشاهد (مسجد الحرام) بالجر يدل من الثلاثة وفي نسخة المسجد الحرام والمراد به المسجد الذي في بلد الله الحرام المحترم عند سائر الأنام وهو أفضلها كما يشير إليه تقديمه في هذا الحديث ومزيد المضاعفة فيها كما في أخبار كثيرة وآثار شهيرة (ومسجدي هذا) يعني مسجد المدينة احترازا من نحو مسجد قباء فلا يدل على حصر فضل مسجده على ما كان مشارا إليه في مشهده (والمسجد الأقصى) وهو الأبعد من المساجد بالنسبة إلى العرب وهو الذي بيت المقدس وهو مسجد كثير من الأنبياء وقد دخله عليه الصلاة والسلام وصلى فيه في ليلة الإسراء وقد أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود وفيه تنبيه نبيه على أنه ينبغي للعاقل أن لا يشتغل إلا بما فيه صلاح دنيوي وفلاح أخروي ولما كان ما عدا المساجد الثلاثة متساوي المرتبة في الشرف والفضيلة وكان التنقل والارتحال لأجله عبثا من غير المنفعة نهى الشارع عنه لأن لا تشد خبر وقع نفيا وأراد به نهيا (وقد تقدّمت الآثار في الصلاة والسلام) ويروى التسليم (على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عند دخول المسجد) أي مطلق المساجد فبالأولى مراعاتها في أفضل المساجد (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما) الصواب ترك الياء في آخره كما بينا وجهه أولا (أنّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم كان إذا دخل المسجد) أي جنسه (قال أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم) أي ذاته (وسلطانه القديم من الشّيطان الرّجيم) رواه أبو داود (وقال مالك) أي فيما رواه البخاري والنسائي (سمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه صوتا) أي عظيما (في المسجد) أي مسجد المدينة (فدعا بصاحبه) أي طلب صاحب الصوت (فقال ممّن أنت) يروى من أنت (قال رجل من ثقيف) أي من أهل الطائف (قال لو كنت من هاتين القريتين) أي مكة والمدينة أي لفعلت نكالا أو لعذبتك أو لعزرتك وفي نسخة صحيحة لأدبتك (إنّ مسجدنا) أي أهل المدينة خصوصا (لا يرفع فيه الصّوت) أي لما ورد من قوله تعالى لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وهو حي حاضر بعد مماته كما كان في حال حياته فيكون موجبا