للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجّا أو معتمرا) أي قاصدا لأحداهما وهو أعم من قول الدلجي حال كونه محرما بهما (بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ ولا عذاب وفي طريق آخر) للبيهقي في الشعب عن عمر والطبراني عن جابر وسلمان (بعث من الآمنين يوم القيامة) وفي الجامع الكبير من مات في أحد الحرمين استوجب شفاعتي وكان يوم القيامة من الآمنين رواه الطبراني والبيهقي وضعفه عن سلمان (وعن ابن عمر) أي مرفوعا رواه الترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان (مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا) تحريض على لزومه لها وإقامته بها ليتأتى له أن يموت فيها إطلاقا للمسبب على سببه كما في قوله تعالى وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (فإنّي أشفع لمن يموت بها) أي قبل أن أشفع لمن مات في غيرها قال التلمساني وروي فإنها تشفع وقد أجمعوا على أن الموت بالمدينة أفضل مما عداها وقد ورد عن عمر رضي الله تعالى عنه اللهم ارزقني شهادة في سبيلك وموتا في بلد رسولك وقد استجاب الله تعالى دعاء وجمع له بين ما تمناه وقال الله تعالى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ أي جعله الله تعالى معبدا لهم وقبلة يعبدونه فيها ويستقبلون ويتوجهون في عباداتهم إليها (لَلَّذِي بِبَكَّةَ) وهي لغة في مكة من بكه إذا دقه لأنها تدق أعناق الجبابرة أو لأن الناس يزاحم بعضهم بعضا في الطواف وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن أول بيت وضع للناس فقال المسجد الحرام ثم بيت المقدس فقيل كم بينهما فقال أربعون سنة (إلى قوله آمَنَّا) [آل عمران: ٩٦] تمامه مباركا أي كثير النفع خصوصا لمن حجه أو اعتمره وطاف حوله وشاهد حاله وهدى للعالمين أي مرشدا لهم لأنه قبلتهم ومتعبدهم فيه آيات بينات أي علامات واضحات على قدرته سبحانه وتعالى وعزته وعظم شأنه مقام إبراهيم أي منها مكان قيامه وأثر قدم من إقدامه في حجر صلد قام عليه لرفع الحجارة في البناء أو حين أذن بالنداء ومن دخله أي البيت أو حرمه كان آمنا من التعرض في الدنيا ومن العذاب في العقبى وأما ما يتوهمه بعض العوام من إرجاع الضمير إلى المقام فلا يصح في المرام لأنه لا يتصور الدخول في حقيقة المقام والمعنى حوله من حوادث الأيام (قال بعض المفسرين آمنا من النّار) ويدل عليه حديث يبعث الله من هذا الحرم سبعين ألفا وجوههم كالقمر ليلة البدر يدخلون الجنة بغير حساب يشفع كل واحد منهم في سبعين ألفا وجوههم كالقمر ليلة البدر وحديث الحجون والبقيع مقبرتا مكة والمدينة يؤخذ بأطرافهما وينثران في الجنة وقيل مبناه خبر ومعناه أمر أي آمنوه ولا تتعرضوا له وهذا توجيه قوله (وقيل كان) وفي نسخة بل كان (يأمن من الطلب) أي طلب الثار (من أحدث حدثا) أي جنى جناية من قتل نفس أو قطع جارحة (خارجا عن الحرم ولجأ) بالهمز أي التجأ وعاذ وأما قول التلمساني وروى أو لجأ بالتنويع فلا يصح في مقام التفريع (إليه في الجاهليّة) وكذا في الأحكام الإسلامية على مقتضى قواعد علمائنا الحنفية فإنه لا يتعرض إليه ما دام في الحرم المحترم إلا أنه لا يؤوي ولا يطعم ولا يسقى حتى يضطر إلى الخروج فإذا خرج منه ولعل عادة الجاهلية كانت على الإطلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>