للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفعول الأول ولعل وجه تقديم الهداية في كلام المصنف إيماء إلى رعاية العناية وإشارة إلى أن الواو لا تفيد الترتيب في العبارة وأما الترتيب الذكري في السورة فهو على وفق الوجود الوقوعي حيث يوجد اليتيم قبل البلوغ وبعده تتحقق الهداية الكاملة العلمية ثم رعاية القناعة العملية، (وقيل المعنى ألم يجدك) أي والناس في ضلال (فهدى بك ضالّا، وأغنى بك عائلا) ، أي فقيرا حين وجدك وفيهم عيلة (وآوى بك يتيما) إذ وجدك وفيهم أيتام وهذا من بدع التفاسير أيضا وإن كان يلائمه في الجملة ما بعده من بقية السورة وهي قوله تعالى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وتذكر حال يتمك وَأَمَّا السَّائِلَ لكونه فقيرا فَلا تَنْهَرْ فلا تزجر ولا تقهر وتذكر حال فقرك وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ بإظهار الهداية والعلم بالبداية والنهاية وتذكر حال جهلك فيكون اللف والنشر مشوشا اعتمادا على فهم السامع ويمكن أن يكون مرتبا بأن يكون المراد سؤال العلم كا هو قول أبي الدرداء وغيره وأن التحدث بنعمة الرب هو الإحسان إلى الفقير المنكر القلب لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم التحدث بالنعم شكر ويمكن أن يحمل على المعنى الأعم ويستفاد منه المراد الأخص والله تعالى أعلم بمراده في كتابه؟ (ذكّره) بتشديد الكاف أي ذكره صلى الله تعالى عليه وسلم ربه تذكير امتنان لا ناشئا عن نسيان (بهذه المنن) جمع المنة بمعنى النعمة والعطية (وأنّه) بكسر الهمزة والواو للحال أي الشأن أو الله سبحانه أو هو صلى الله تعالى عليه وسلم (على المعلوم من التّفسير) أي بناء على ما علم من أنواع التفسير على ما سبق من التحرير (لم يهمله) من الإهمال أي لم يتركه ربه تعالى (في حال صغره) أي جهله (وعيلته) أي فقره (ويتمه) أي فقد أبيه، (وقبل معرفته) أي وفيما قبل معرفته الكاملة (به) تعالى، (ولا ودّعه) عطف على لم يهمله ولا تركه ولا دفعه، (ولا قلاه) أي ولا أبغضه ولا قطعه، (فكيف) أي حاله (بعد اختصاصه) بالكرامات السنية (واصطفائه) بالمقامات البهية والمعنى بعد ارساله واعلامه أنه اصطفاه واجتباه على خليقته لكرامته عنده ومنزلته وإلا فقد كان اصطفاه في ازليته قبل ظهور أبديته بدليل قوله كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وفي رواية وآدم منجدل في طينته أي وآدم مراد إيجاده منهما في وقته فلا بينة ولا انجدال حال نبوته ثم اعلم أن ملخص الأقوال في تفسير قوله سبحانه وتعالى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ستة أقاويل أولها أنه وجدك ضالا عن الشريعة وأحكامها فأرشدك إليها بتمامها وثانيها أنه وجدك منسوبا إلى الضلالة عند الأعداء فبين أمرك بالبراهين القاطعة للأحباء وثالثها أنه وجدك بين قوم ضلال فأرشدك إلى ما تميزت به عنهم إلى مقام الوصال ورابعها أنه وجدك ضالا بتزويج ابنتك في الجاهلية لبعض الكفرة فبين لك أن المشرك لا يتزوج المسلمة قال ثعلب وهذا هو قول أهل السنة في هذه الآية وخامسها أنه وجدك ضالا بين مكة والمدينة فأراك الطريق وذلك عليه وبينه أو إشارة إلى ضلالته وهو صغير في شعاب مكة حيث وجده ورقة بن نوفل ورجل من قريش فرداه إلى جده عبد المطلب وسادسها أنه وجدك ضالا أي عاشقا ومحبا فهداك إلى محبوبك والقول الأول في

<<  <  ج: ص:  >  >>