للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعظيم ومرتبة التبجيل كما ورد عن عيسى عليه السلام من تعلم وعمل وعلم يدعي في الملكوت عظيما (على اختلاف التّفاسير) أي في هدى من التقادير على ما أشرنا إليها في ضمن التحارير فهدى إما بمعنى هداه الله أو بمعنى هدى به الناس، (ولا مال له) جملة حالية والتقدير ومن كونه لا ماله (فأغناه) الله (بما أتاه) أي اعطاه من مال خديجة أو من الغنائم (أَوْ بِمَا جَعَلَهُ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْقَنَاعَةِ والغنى) أي غنى القلب كما أشار إليه صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس وبقوله القناعة كنز لا ينفد وهو من قنع بكسر النون في الماضي قناعة إذا رضي بما أعطاه الله تعالى وبفتحه قنوعا إذا سأل مما سواه ومنه القانع والمعتر أي السائل تصريحا والمعترض تلويحا وما أحسن ما قال من قال من أهل الحال:

العبد حر إن قنع ... والحر عبد إن طمع

فاقنع ولا تقنع فما ... شيء أضر من الطمع

وهذا المعنى مستفاد من قوله وَوَجَدَكَ عائِلًا أي فقيرا أو محتاجا إلى الخلق فأغناك عنهم بغناه بل أحوج إليك كل من سواه كما أشار إليه بقوله آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة (ويتيما) ومن كونه يتيما أي لا أب له لموت أبيه قبل ولادته فآواه إلى عمه أبي طالب (فحدب) بفتح الحاء وكسر الدال المهملتين أي رق له ورحمه وعطف (عليه عمّه) وأذهب عنه غمه وهمه حتى قال:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتى أوسد في التراب دفينا

فاصدع بأمر ما عليك غضاضة ... فأبشر وقر بذاك منك عيونا

وفي نسخة عمه منصوب ولا يستقيم إلا إذا كانت الدال مشددة (وآواه إليه) وأحسن في تربيته عليه حيث ضمه إلى نفسه في جملة حاله وجعله من عمدة عياله وآوى متعد ممدودا أو مقصورا لكن التعدية في المد أكثر كما أن اللزوم في القصر أشهر، (وقيل آواه الله) أي ملحوظا بعين عنايته وكفايته محفوظا في ظل حمايته ورعايته وفي نسخة آواه إلى الله أي أغناه بذاته عما سواه وروي أوى إلى الله مقصورا ومعناه لجأ إليه وتوكل عليه وأسلم الأمر لديه وهذه المعاني الأخيرة أنسب إلى ما حكي عن جعفر الصادق أنه سئل لم أفرد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أبويه فكان يتيما في صغره فقال لئلا يكون عليه حق للمخلوق انتهى ويمكن أن يقال لئلا يكون له تعلق بغير الحق فإن الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس (وقيل يتيما لا مثال لك) أي لا نظير يماثلك هذا مراد من قال هو درة يتيمة عصماء أي محفوظة ممنوعة معصومة عن أن يكون لها نظير في الصورة والسيرة وفي الكشاف أنه من بدع التفاسير ومعناه ألم يجدك واحدا في قريش عديم النظير (فآواك إليه) والوجود في السورة بمعنى العلم فيتيما وضالا وعائلا مفاعيل ثواني له أو بمعنى المصادفة فهي أحوال من

<<  <  ج: ص:  >  >>