للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي مقاساة أحوال العيال والأولاد والخدم والأحفاد ومكابدة الأقارب القريبة والبعيدة (ومقاومة الوليّ والعدوّ) أي مقابلتهما بما يصلح في معاملتهما (ومصلحة النّفس) أي تربيتها وارتياضها حتى تنقاد بتحمل ما لها وتحمل ما عليها مما لا بد منه معاشا ومعادا (وكلّفه) بصيغة المجهول أي وبما كلفه الله تعالى أي حمله (من أعباء أداء الرّسالة) أي من أثقال تأديتها واشتغال تبليغها (وحمل الأمانة) أي الخاصة والعامة المؤدية إلى كمال الديانة كما أشار إليه قوله تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ أي عليها أنفسها أو على سكانها فَأَبَيْنَ أي امتنعن من قبول حملها بحسب القابلية حيث لم يخلقوا لها وما جعلهم الله من أهله وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ لكمال قابليته وجمال أهليته إِنَّهُ كانَ أي في علمه سبحانه وتعالى باعتبار جنسه ظَلُوماً جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ففي الآية دلالة على أن أن أفراد المؤمنين لا بد لهم من الاستغفار والتوبة ليستحقوا بذلك المغفرة والرحمة كما أشعر به قوله سبحانه وتعالى وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً للمسيئين والمحسنين (وهو) أي النبي عليه الصلاة والسلام (في كلّ هذا) أي ما ذكرناه من اختلاف مقامه ويروى في هذا كله (في طاعة ربّه وعبادة خالقه) فلا يكون الاستغفار على الحقيقة من التوبة عن المعصية وإنما هو من حالة أدنى إلى حالة أعلى فإن السير في الله تعالى لا يبلغ أحد منتهاه (ولكن) أي الاستغفار مع هذا له سبب وهو أنه (لمّا كان صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْفَعَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مَكَانَةً) أي رتبة (وأعلاهم درجة) أي قربة (وَأَتَمَّهُمْ بِهِ مَعْرِفَةً وَكَانَتْ حَالُهُ عِنْدَ خُلُوصِ قلبه) أي عن ملاحظة غير ربه (وخلوّ همّته وتفرّده بربّه) عن شهود غيره (وإقباله بكلّيّته) أي قلبا وقالبا (عليه) أي بتفويض جميع أموره إليه والقائه نفسه كالميت بين يديه (ومقامه هنالك أرفع حاليه) أي بالنسبة إلى غير ذلك وجواب لما قوله (رأى صلى الله تعالى عليه وسلم حال فترته عنها) أي صورة (وشغله بسواها) أي ضرورة (غضّا) بتشديد المعجمة الثانية أي نقصا وانحطاطا (من عليّ حاله) أي رفع كماله وبديع جماله (وخفضا من رفيع مقامه) ومنيع مرامه (فاستغفر الله من ذلك) وطلب المقام الأعلى فيما هنالك؛ (هذا) أي التأويل الذي حررناه (أولى وجوه الحديث وأشهرها) أي وأظهرها فيما قررناه وفي نسخة وأشهدها أي وأبينها وأدلها فيما ذكرناه (وإلى معنى ما أشرنا به) أي إليه كما في نسخة وفي نسخة وإلى ما أشرنا به فيه من تأويل الحديث (مال كثير من النّاس وحام حوله) أي دار في جوانبه أهل الاستيناس (فقارب) أي أمره (ولم يرد) أي أحد حكمه وقيل لم يصله على أنه من ورد (وقد قرّبنا غامض معناه) أي مشكل معناه مع ما يتعلق بحل مبناه (وكشفنا للمستفيد محيّاه) بضم الميم وتشديد الياء أي نقاب وجهه وحجاب أمره وفي نسخة مخباه بخاء معجمة وتشديد موحدة أي مخفيه وأصله الهمز كما في قوله ألا يا اسجدوا لله الذي يخرج الخبأ فكأنه أبدل للتخفيف مراعاة للسجع (وهو) أي التأويل المذكور (مبنيّ على جواز الفترات) أي التكاسل

<<  <  ج: ص:  >  >>