والديانة وَمِنْكَ [الأحزاب: ٦] الآية) أي ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم فخص أولو العزم من الرسل وقدم نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم إما لتعظيم رتبته وإما لتقديم حقيقة نبوته بتقديم روحه ونوره في عالم ظهوره الأولى في بدء أمره وآخر عصره فهو كالعلة الغائية متقدم الوجود متأخر الشهود وتتمة الآية وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً أي عظيما ولعل هذا الميثاق في عالم الأرواح أو كان لهم ميثاق خاص في ضمن عموم ميثاق أهل الأشباح (وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ [آل عمران: ٨١] إلى قوله تعالى لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [الأحزاب: ٨١] أي لما آتيتكم بفتح اللام وقرأ حمزة بكسرها وقرأ نافع لما آتيناكم من كتاب وحكمة أي نبوة ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ فقيل المراد برسول فرد من أفراد هذا الجنس فالتنوين للتنكير وقيل المراد به رسولنا صلى الله تعالى عليه وسلم بخصوصه فيكون التنوين للتعظيم ويؤيده أنه عليه الصلاة والسلام قال لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي ثم هذا الميثاق يحتمل فيما قدمناه أن يكون جملة ويحتمل أن كل نبي حين اعطائه سبحانه وتعالى له النبوة أخذ منه هذه البيعة على هذه الموافقة والمتابعة (قال) أي القاضي القشيري (فطهّره الله في الميثاق) بإماطة ما لا يليق بكريم قدره وإحاطة ما يناسب تعظيم أمره (وبعيد أن يأخذ) أي الله تعالى (منه الميثاق قبل خلقه ثمّ يأخذ ميثاق النّبيّين بالإيمان به ونصره) أي وبإعانة دينه وتقوية أمره (قبل مولده بدهور) أي بأزمنة طويلة (ويجوز عليه الشّرك) يروى الشك ويجوز في يجوز تشديد الواو المفتوحة أو المكسورة (أي وغيره من الذّنوب) أي الكبائر وكذا الاصرار على الصغائر فهذا هو المستبعد غاية البعد والواو للحال، (هذا) أي إمكان صدور الكفر والشرك منه (مَا لَا يُجَوِّزُهُ إِلَّا مُلْحِدٌ، هَذَا مَعْنَى كلامه) أي القشيري ولعله اقتصر بعض مرامه؛ (فكيف يكون ذلك) أي مجوزا (وقد أتاه جبريل) كما رواه مسلم عن أنس (وشقّ قلبه) أي صدره كما في نسخة (صغيرا) أي حال صغره وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه (واستخرج منه علقة) أي تكون للشيطان بها علقة (وقال هذا حظّ الشّيطان منك) أي صورة لو تركناها على تلك الحالة بلا طهارة كاملة تكون حائلة (ثمّ غسله) أي جبريل في طست من ذهب بماء زمزم حتى ذهب عنه الحجاب الصوري وانكشف له النقاب النوري (وملأه حكمة) أي إيقانا واتقانا (وإيمانا) أي تصديقا وبرهانا ثم لأمه وأعاده في مكان وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمدا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون قال أنس فكنت أرى أثر المخيط في صدره كذا في المصابيح (كما تظاهرت) أي تواترت وتظافرت (به أخبار المبدأ) أي أحاديث بدء خلقته وظهور آثار نبوته إلى منتهى نعته في أسرار رسالته ولا يخفى أنه عليه الصلاة والسلام شق صدره مرتين مرة في حال صباه عند مرضعته حليمة ومرة ليلة المعراج على ما تقدم والله تعالى أعلم (ولا يشبّه) بتشديد الموحدة المفتوحة أي لا يلتبس (عليك) الأمر في تصويب العصمة عن المعصية قبل النبوة (بِقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ فِي