فيهما بمعنى الرجوع فليس ذكرهما في محله (فإن قلت فما معنى قوله تعالى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى [الضحى: ٧] فليس) أي فنقول ليس (هو من الضّلال الّذي هو الكفر) أي إجماعا لما سبق من الدليل نقلا وعقلا واختلف في المراد به (قيل ضالّا عن النّبوّة) أي غائبا عنها أو غير عارف بها (فهداك إليها) ويروى وهداك ذكره الحجازي وهو الملائم للآية؛ (قاله الطّبريّ) وهو محمد بن جرير، (وَقِيلَ وَجَدَكَ بَيْنَ أَهْلِ الضَّلَالِ فَعَصَمَكَ مِنْ ذلك) أي الحال (وهداك بالإيمان) على وجه الكمال (وإلى إرشادهم) إليه بحسن المقال (وَنَحْوُهُ عَنِ السُّدِّيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَقِيلَ ضَالًّا عن شريعتك أي لا تعرفها) إلا بإلهام أو وحي (فهداك إليها) أي تارة بالوحي الجلي وأخرى بالخفي، (والضّلال ههنا التّحيّر) أي الناشئ عن عدم المعرفة (ولهذا كان صلى الله تعالى عليه وسلم يخلو بغار حراء) بالصرف وعدمه على ما سبق ضبطه (فِي طَلَبِ مَا يَتَوَجَّهُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ) من قطع العلائق ودفع العوائق (ويتشرّع به) أي ويطلب شرعا يمشي في طبقه ويعمل على وفقه ويروى يسرع من الإسراع بالسين المهملة وعند شارح قائلا إنه بخط المؤلف يشرع بضم الياء وسكون الشين المعجمة وكسر الراء رباعيا من أشرع جعله شريعة (حتّى هداه الله إلى الإسلام) أي إلى شرائعه الأعلام وتفاصيله من الأحكام (قال) وفي نسخة حكي (معناه) أي معنى الكلام الذي قدمناه (القشيريّ) أي الاستاذ أو ولده (وقيل لا تعرف الحقّ) أي إلا مجملا (فهداك إليه) أي مفصلا، (وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
[النساء: ١١٣] ) أي من أمور الدين وأحكام اليقين (قاله عليّ بن عيسى) الظاهر أن هذا هو الرماني المتكلم النحوي على ما ذكره الحلبي ويروى قال عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ تكن له ضلالة معصية) بالإضافة وفي نسخة ضلالة في معصية أي لأجلها يقع في وبالها بل ضلالة طاعة لم يدر طريق كمالها (وقيل هدى: أي بيّن أمرك بالبراهين) أي الأدلة القاطعة والبينة الساطعة (وقيل وَوَجَدَكَ ضَالًّا [الضحى: ٧] بين مكّة والمدينة) أي ما تدري ما محياك ومماتك (فهداك إلى المدينة) وجعلها محل حياتك ومنزل وفاتك وهدى بك أقواما كانوا عن الحق غافلين وآخرين كانوا له مذعنين وآخرين كانوا له معاندين (وقيل المعنى وجدك) أي هاديا (فهدى بك ضالّا) يعني فقدم وأخر مراعاة للفواصل وهذا بعيد عن القواعد القوابل. (وعن جعفر) أي الصادق (بن محمد) أي الباقر ابن زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) أي حال بدء التجلي الأول (عَنْ مَحَبَّتِي لَكَ فِي الْأَزَلِ أَيْ لَا تعرفها) على الوجه الأكمل (فمننت عليك بمعرفتي) لتعرف بها محبتي؛ (وقرأ الحسن بن عليّ وَوَجَدَكَ ضَالًّا) أي بالرفع على أنه فاعل أي متحير في الحال (فَهَدى أي اهتدى بك) في المآل ونال مقام الوصال، (وقال ابن عطاء: وَوَجَدَكَ ضَالًّا أي محبّا لمعرفتي) فهداك إلى طريق محبتي وسبيل مودتي (والضّالّ المحبّ) أي في بعض اللغات (كما قال) أي سبحانه وتعالى حكاية عن بني يعقوب مخاطبين لأبيهم (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [يُوسُفَ: ٩٥] أَيْ مَحَبَّتِكَ القديمة ولم يريدوا