شعيب حيث قال له قومه لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (قَدِ افْتَرَيْنا الآية) فهذا جواب عن شعيب ومن تبعه من المؤمنين ويمكن حمل العود على التغليب لا كما قال المصنف عن الرسل اللهم إلا أن يتكلف ويقال التقدير قد افترينا نحن معاشر الأنبياء وطائفة المؤمنين من الأولياء على الله كذبا أي في دعوى التوحيد إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا الله منها وعصمنا من الركون إليها (فلا يشكل عليك لفظة العود) بناء على توهم أنه بمعنى الرجوع في هذا المقام (وأنّها تقتضي) أي حينئذ (أنّهم) أي الأنبياء (إنّما يعودون) ويروى أنهم يعودون (إلى ما كانوا) ويروى لما كانوا (فيه من ملّتهم) أي فإن هذا المعنى خطأ فاحش وللعوذ معان (فَقَدْ تَأْتِي هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ) أي أحيانا (لغير ما ليس له ابتداء) كذا في بعض النسخ والصواب كما في بعضها لما ليس له ابتداء كما بينه بقوله (بِمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْجَهَنَّمِيِّينَ) على ما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري (عادوا حمما) بضم الحاء المهملة وفتح الميم أي صاروا فحما سودا قد امتحشوا (ولم يكونوا) أي الجهنميون (قبل كذلك) أي كذلك كما في نسخة يعني حمما ويروى قبل بضم اللام وبعده كذلك، (ومثله قول الشّاعر) ولم يعرف قائله وثبت أن عمر بن عبد العزيز أنشده وكأنه تمثل به وقيل إنه لأمية بن أبي الصلت في سيف بن ذي يزن وقيل لأبي الصلت بن ربيعة الثقفي وقيل للنابغة الجعدي وفي نسخة ومثله قوله (فعادا بعد) ببناء الدال على الضم (أبوالا) وهذا عجز بيت صدره:
وفي بعض النسخ المعتمدة البيت بكماله أي هذه المناقب الجميلة وهي المكارم التي يترتب عليها المراتب الجزيلة ولا قعبان ضبط بكسر النون على أنه تثنية القعب وهو بفتح القاف وسكون العين المهملة فموحدة القدح الضخم ويروى الرجل وفي بعض النسخ بفتح النون على البناء وشيبا بصيغة المجهول أي خلطا فعادا أي القعبان والمراد ما فيهما من اللبن بذكر المحل وارادة الحال كقوله تعالى وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ بعد أي بعد شربهما أي صارا أبوالا واستحالا بها مآلا (وما كانا) أي لبن القعبين (قبل) أي قبل شربهما (كذلك) أي أبوالا هنالك وأما ما ذكره الأنطاكي شاهدا على أن عاد بمعنى صار من قوله تعالى حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ومن قول النعمان بن قتادة أنه دخل على عمر بن عبد العزيز فقال له من أنت يا فتى فقال:
أنا ابن الذي سألت على الخد عينه ... فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأحسن حالها ... فيا حسنها عينا ويا حسنها أيد
وكان قد اصيبت عين قتادة يوم أحد ووقعت عَلَى وَجْنَتِهِ فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم فقال عمر بن العزيز بمثل هذا فليتوسل إلينا المتوسلون فلا يخفى أن العود