للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفئتان نكص على عقبيه أي رجع القهقرى وكانت يده في الحارث بن هشام فقال له إلى أين تريد أن تخذلنا أفرارا من غير قتال فدفع في صدر الحارث وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله وانطلق متبرئا من أفعالهم ويائسا من أحوالهم لما رأى من امداد الله تعالى المؤمنين بالملائكة الدال على أن لهم النصرة والغلبة فانهزم الكفرة فقيل هزم الناس سراقة فقال والله ما شعرت بمسيرتكم حتى بلغني خبر هزيمتكم فلم يعلموا أنه الشيطان حتى اسلم بعضهم، (ومرّة) أي وتصوره كرة أخرى (ينذر بشأنه) أي يخبر بحاله صلى الله تعالى عليه وسلم ليخوف الناس منه ويحذرهم عنه (عند بيعة العقبة) أي عقبة منى السفلى ليلة بايع الأنصار على أنه إن آتاهم آووه ونصروه ودفعوا عنه كما يحمي الرجل عن جريحه قال الإمام أبو الليث في تفسيره وقد هاجر إليهم بعد هذا بحولين؛ (وكلّ هذا) أي وجميع ما ذكر (فقد كفاه الله أمره وعصمه) أي حفظه ومنعه (ضرّه) بفتح أوله وضمه (وشرّه) ويروى من ضره وشره (وقد قال عليه الصلاة والسلام) أي فيما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (إنّ عيسى عليه السّلام كفي) بصيغة المجهول أي وقي (من لمسه) أي حبسه وحسه (فجاء) الفاء للتفريع فلما قصد (ليطعن) بفتح العين ويضم أي ليضرب (بيده في خاصرته) أي جنبه (حين ولد) أي حين خرج من بطن أمه (فطعن في الحجاب) أي المشيمة وهي الغشاء الذي يكون الجنين في داخله وقيل حجاب بين الشيطان وبين مريم والله تعالى أعلم والظاهر أن عيسى عليه السلام مختص بهذا الإكرام خلافا لما ذكره الدلجي من تعميم الأنبياء في هذا المرام ففي حديث البخاري وغيره ما من مولود يولد إلا ويمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا إلا مريم وابنها وذلك لدعاء جدته ربها أن يعيذ أمه وذريتها من الشيطان الرجيم (وقال عليه الصلاة والسلام) فيما رواه الشيخان عن عائشة (حين لد في مرضه) بضم اللام وتشديد الدال أي سقي دواء من أحد شقي فمه بغير اذنه لغشيانه وظن أنه أصابه وجع في جنبه وذلك يوم الأحد وتوفي يوم الاثنين الذي يليه مع الزوال فلما أفاق قال لا يبقى في البيت أحد الألد قال ذلك عقوبة لهم (وَقِيلَ لَهُ خَشِينَا أَنْ يَكُونَ بِكَ ذَاتُ الجنب) وهو علم لدمل كبير وهو قرحة تظهر في باطن الجنب الأيسر وتنفجر إلى داخل قلما يسلم صاحبها (فقال) أعاده لطول الفصل (إِنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُسَلِّطَهُ عليّ) وضمير أنها إلى لدهم له وأنثه باعتبار صنعتهم لا كما قال الدلجي باعتبار صدوره مرة واحدة ثم نسبه إلى الشيطان لأنه كان سبب وسوسته لهم بذلك حتى فعلوا ما لم يأذنهم هنالك (فإن قيل) إذا كان الله لم يسلطه عليه (فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) أي نازغ وناخس منه (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف: ٢٠٠] الآية) أي قوله تعالى إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أي سميع لمقالك وعليم بحالك (فقد قال بعض المفسّرين) أي لدفع هذا الإشكال الوارد في السؤال (إنّها) أي الآية (رَاجِعَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [الْأَعْرَافِ: ١٩٩] ) أي المصدر بقوله خُذِ الْعَفْوَ أي ما سهل من اخلاق الناس من غير كلفة ومشقة حذرا من

<<  <  ج: ص:  >  >>