للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأظهر أن الرسول من أوحى إليه وأمر بالدعوة والنبي أعم والله تعالى أعلم (إِلَّا إِذا تَمَنَّى) أي قرأ وتلا (أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [الحج: ٥٢] ) أي تلاوته وقراءته مما يشغله به عن استغراقه في بحور العوارف واشتغاله بكنوز المعارف (الآية) أي فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ أي يبطله ويزيله ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ الْآيَةَ (فَاعْلَمْ أَنَّ لِلنَّاسِ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآية أقاويل) أي كثيرة شهيرة (منها) أي من تلك الأقاويل (السّهل) أي الهين المقبول (والوعر) أي الصعب الوصول وفي نسخة صحيحة بدله (والوعث) بسكون العين ويكسر وبالمثلثة الطريق العسير ومنه ما ورد اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر أي شدائد مشقته (والسّمين) أي الكلام المتين القوي (والغثّ) بفتح الغين المعجمة وتشديد المثلثة أي المهزول الضعيف الردي، (وأولى ما يقال فيها) أي في الآية (ما عليه الجمهور من المفسّرين) كما ذكره البغوي أيضا (أن التّمنّي ههنا التّلاوة) يقال تمنيته إذا قرأته وفي مرثية عثمان رضي الله تعالى عنه:

تمنى كتاب الله أول ليلة وآخره:

لاقى حمام المقادر

(وإلقاء الشّيطان فيها) أي في تلاوته (شغله) بفتح أوله وضمه وفي نسخة اشتغاله أي شغل الشيطان إياه (بخواطر) أي ردية (وإذكار من أمور الدّنيا) أي الدنية (للتّالي) أي للقارئ من النبي فضلا عن غيره (حتّى يدخل عليه) من الإدخال أي يوصل إليه الشيطان أو شغله إياه (الوهم) أي السهو والخطاء (والنّسيان فيما تلاه) أي فيما قرأه من جهة مبناه أو طريق معناه (أو يدخل غير ذلك في) وفي نسخة على (أفهام السّامعين من التّحريف) في لفظ التنزيل ومبناه (وسوء التّأويل) أي في معناه (ما يزيله الله وينسخه) أي يدفعه ويرفعه (ويكشف لبسه) بفتح أوله أي ويبين خلطه ويظهر غلطه (ويحكم آياته) أي ويثبت بيناته (وسيأتي الكلام على هذه الآية بعد) أي بعد ذلك في فصل (بأشبع من هذا) أي أبسط وأوسع (إن شاء الله، وقد حكى السّمرقنديّ) أي الإمام أبو الليث الحنفي (إنكار قول من قال بتسلّط الشّيطان) ويروى بِتَسْلِيطِ الشَّيْطَانِ (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَغَلَبَتِهِ عَلَيْهِ وأنّ مثل هذا لا يصحّ) يعني فإذا كان لا يصح تسلط الشيطان على ملك سليمان من الأمور الدنيوية فبالأحرى أن لا يصح له التسلط على الأنبياء فيما يتعلق بالأمر الديني والأخروي (وقد ذكرنا) أي وسنذكر (قِصَّةَ سُلَيْمَانَ مُبَيَّنَةً بَعْدَ هَذَا وَمَنْ قَالَ) أي ونذكر من قال في تأويله (إنّ الجسد) أي في قوله تعالى وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً (هو الولد الّذي ولد له) أي ناقصا جاءت به إحدى نسائه فألقته القابلة على كرسيه وذلك حين قال لأطوفن الليلة على نسائي كلهن الحديث، (وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ وقوله) أي وفي قوله أي الله سبحانه وتعالى حكاية عنه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>