للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمنية معناها التلاوة، (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ [البقرة: ٧٨] ) وهي جمع أمنية (أي تلاوة) أي مجرد قراءة خالية عن دراية (وقوله) أي في بقية الآية (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ [الْحَجِّ: ٥٢] أَيْ يذهبه) أي يفنيه ويعدم اعتباره (ويزيل اللّبس به) بفتح اللام أي خلط الحق بالباطل بسببه (ويحكم آياته) في التنزيل ثم يحكم الله آياته أي يثبتها؛ (وَقِيلَ مَعْنَى الْآيَةِ هُوَ مَا يَقَعُ لِلنَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم من السّهو) أي الناشىء من النسيان (إذا قرأ فينتبه) من الانتباه أو التنبه أي فيتفطن (لذلك) ويتذكر لما هنالك (ويرجع عنه وهذا) التأويل (نَحْوُ قَوْلِ الْكَلْبِيِّ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ حَدَّثَ نَفْسَهُ وَقَالَ إِذَا تَمَنَّى أَيْ حَدَّثَ نَفْسَهُ) يعني على طريق السهو، (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نحوه) وهذا السهو بطريق النسيان الغالب على الإنسان أجمعوا على جوازه منه عليه الصلاة والسلام وقد قال تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ (وهذا السّهو في القراءة إنّما يصحّ) أي صدوره عنه عليه الصلاة والسلام (فِيمَا لَيْسَ طَرِيقُهُ تَغْيِيرَ الْمَعَانِي وَتَبْدِيلَ الْأَلْفَاظِ) أي المباني (وزيادة ما ليس من القرآن) أي في وجوه السبع المثاني (بَلِ السَّهْوُ عَنْ إِسْقَاطِ آيَةٍ مِنْهُ أَوْ كلمة) أو انتقال من كلمة أو آية إلى أخرى لا يترتب عليه فساد المعنى (ولكنّه) أي مع هذا (لا يقرّ) بصيغة المجهول وتشديد الراء أي لا يترك (على هذا السّهو بل ينبّه عليه) من التنبيه من باب التفعيل بصيغة المجهول وكذا قوله (ويذكّر به) أي بما وقع له لينتهي عنه (للحين) أي في وقته (عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي حُكْمِ مَا يَجُوزُ عليه من السّهو وما لا يجوز) أي عليه من السهو (وَمِمَّا يَظْهَرُ فِي تَأْوِيلِهِ أَيْضًا أَنَّ مُجَاهِدًا روى هذه القصّة والغرانقة العلى) بضم المهملة (فإن سلّمنا القصّة) أي صحتها (قلنا لا يبعد أنّ هذا) أي ما وقع فيها (كان قرآنا) أي ثم نسخ تلاوته (وَالْمُرَادُ بِالْغَرَانِقَةِ الْعُلَى وَأَنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى الْمَلَائِكَةُ على هذه الرّواية) أي رواية مجاهد الغرانقة العلى ولا يظهر وجه تخصيص هذا التأويل بهذه الرواية إذ يصح على ما تقدم من الروايات أيضا كما لا يخفى على أرباب الدراية (وبهذا فسّر الكلبيّ الغرانقة العلى) أي في روايته ولا يلزم منه أنه لا يجوز هذا التفسير لرواية غيره (أنّها الملائكة وذلك) أي الباعث له على تفسيرها بها هنالك (أنّ الكفار) أي من قريش وغيرهم (كانوا يعتقدون الأوثان) وفي نسخة أن الْأَوْثَانَ (وَالْمَلَائِكَةَ بَنَاتِ اللَّهِ كَمَا حَكَى اللَّهُ تعالى عنهم) أي بقوله تعالى وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً الآية وذمهم بقوله أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وبقوله وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً وبقوله أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (وردّ عليهم في هذه السّورة) وهي النجم (بقوله أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى فأنكر الله كل هذا) أي الذي ذكره (مِنْ قَوْلِهِمْ وَرَجَاءُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ صَحِيحٌ) وهذا التأويل وأمثاله يتعين لئلا يلزم كفر صريح وبه يندفع قول الدلجي وهذا التأويل وإن كان صحيحا في نفسه فمباين للمقام يأبى عن سياق الكلام قلت ويمكن تأويل سائر الروايات على وجه يحصل به الالتئام على أن التأويل من شأنه أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>