للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين لحفظ السّورة) باللام والباء أي بسبب حفظهم سورة النجم (قبل ذلك) أي قبل دس الشيطان ما هنالك (عَلَى مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَتَحَقُّقِهِمْ مِنْ حَالِ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في ذمّ الأوثان وعيبها) أي وعيبه إياها (على ما عرف منه) ولا يخفى أن ما بين السكتات لا يتصور فيه جميع تلك الكلمات المختلقة ويبعد كون كل كلمة في حال سكتة فالظاهر أنه بعد قراءته عليه الصلاة والسلام ومذمته الأصنام بقوله تعالى أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى وقع له عليه الصلاة والسلام سكتة طويلة لعارض من نحو شغله أو فكره فانتهز الشيطان الفرصة والقى تلك الجملة وسمعها الكفار دون الأبرار وهذا ليس كما توهم الدلجي ورد قول المحققين بأن هذا قول غير مرضي لا يذانه بأن الشيطان كان له عليه سبيل بتمكنه من دسه خلال تلاوته كلام ربه انتهى هذا ولا يخفى أن شيخ الإسلام خاتمة الحفاظ ابن حجر العسقلاني في شرحه للبخاري أطال في ثبوت هذه القصة وأن لها طرقا صحيحة وطرقا أخر كثيرة صريحة تدل على أصل القضية فلا بد من تأويلها وهذا أحسن ما قيل في التأويل إن الشيطان ألقى ذلك في سكتة من سكتاته ولم يتفطن له عليه الصلاة والسلام وسمعه غيره فأشاعه بين الأنام وأما ما ذكره البغوي من أن الأكثرين على أنها جرت على لسانه سهوا ونبه عليه وقرره الشيخ أبو الحسن البكري على ما نقله عنه شيخنا عطية السلمي أنه لا يقدح ذلك في العصمة لكونه من غير قصد كحركة المرتعش فقد رده صاحب المدارك من أئمتنا في تفسيره حيث قال إجراء الشيطان ذلك على لسانه صلى الله تعالى عليه وسلم جبرا بحيث لم يقدر على الامتناع عنه ممتنع لأن الشيطان لا يقدر على ذلك في حق غيره ففي حقه أولى والقول بأنه جرى ذلك على لسانه سهوا وغفلة مردود أيضا لأنه لا يجوز مثل هذه الغفلة عليه حال تبليغ الوحي ولو جاز لبطل الاعتماد على قوله ثم اختار ما اختاره العسقلاني قال وكان الشيطان يتكلم في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويسمع كلامه فقد روي أنه نادى يوم أحد إلا أن محمدا قد قتل وقال يوم بدر لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم (وقد حكى موسى بن عقبة) أي ابن أبي عياش (في مغازيه نحو هذا) أي نحو ما ذكر عن المحققين قال الحلبي هو مولى آل الزبير ويقال مولى أم خالد زوج الزبير روى عنها وعن علقمة بن وقاص وعروة وخلق وعنه مالك والسفيانان وجماعة ثبت ثقة أخرج له الأئمة الستة ومغازيه أصح المغازي كما قاله الإمام مالك بن أنس وهي مجلدة لطيفة وله أولاد فقهاء محدثون ووقع في بعض النسخ محمد بن عقبة والأول هو الصواب؛ (وَقَالَ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَسْمَعُوهَا وَإِنَّمَا أَلْقَى الشّيطان ذلك في أسماع المشركين وقلوبهم) أي صدور الشاكين (ويكون ما روي) أي فيما مر (من حزن النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذِهِ الْإِشَاعَةِ وَالشُّبْهَةِ وَسَبَبِ هَذِهِ الفتنة وقد قال الله تعالى) في هذه تسلية (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ [الحج: ٥٢] الآية) أي إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي في أثناء قراءته ما ليس من تلاوته (فمعنى تمنّى تلا) أي قرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>