مقاله ويؤيده ظاهر قوله (فَلَمَّا أُخْبِرَ بِذَلِكَ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الشّيطان) أي من القائه وكان المصنف ذهب إلى أن المعنى من وسوسته ولذا قال (وكلّ هذا) أي جميع ما ذكرناه أي بحسب ظاهره (لا يصحّ أن يقوله عليه الصلاة والسلام لَا سَهْوًا وَلَا قَصْدًا وَلَا يَتَقَوَّلَهُ الشَّيْطَانُ على لسانه) أي حقيقة (وقيل لعلّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قاله أثناء تلاوته على تقدير التّقرير) أي التسليم في صحته أو على تقدير استفهام الإنكار المقصود منه حمل المخاطب على الإقرار بأن الذي يضر وينفع إنما هو الإله الواحد القهار (والتّوبيخ للكفّار كقول إبراهيم عليه الصلاة والسّلام هذا رَبِّي [الأنعام: ٧٦] ) أي هذا الحقير أو المخلوق مثل ربي (على أحد التّأويلات) في تلك الحالات (وكقوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [الأنبياء: ٦٣] ) أي على وجه التورية التي هي من معاريض الكلام ففيها غنية عن الكذب في المرام (بعد السّكت) وهو وقفة لطيفة على فعله كما اختاره بعض أرباب الوقوف (وبيان الفصل بين الكلامين) أي السابق واللاحق وفي رواية بين الكلمتين إشارة إلى أن التقدير بل فعله فاعله مطلقا أو فاعله الذي تعرفونه ثم قال مبتدأ كبيرهم هذا وجعل الدلجي هذا من المتن وقال ما عزى لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم بعد السكت أي بينه وبين ما تلاه قبله وبيان الفصل بين الكلامين أي كلام الله تعالى وما عزى إليه ويؤيده قوله (ثمّ رجع إلى تلاوته) أي بقية السورة (وهذا) التأويل (ممكن مع بيان الفصل) بين الكلامين (وقرينة) أي ومع قرينة (تدلّ على المراد) أي من أنه إنما قاله توبيخا وتقبيحا لقولهم وتقريعا وتسفيها لعقولهم (وأنّه ليس من المتلو) أي من القرآن (وهذا) أي التأويل وفي نسخة صحيحة وَهُوَ (أَحَدُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ) أي الباقلاني أو ابن العربي المالكيان (وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ كان في الصلاة) أي والكلام مبطل فيها (فقد كان الكلام قبل) أي قبل النهي عنه (فيها غير ممنوع) منه كما قرر في حديث ذي اليدين حتى نزل قوله تعالى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ أي ساكتين (والّذي يظهر ويترجّح في تأويله) أي في تأويل ما عزى إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (عنده) أي عند القاضي أبي بكر (وعند غيره من المحقّقين) أي من سائر العلماء المجتهدين المدققين (على تسليمه) أي فرض وقوعه (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم كان كما أمره ربّه) أي بقوله وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (يرتّل القرآن ترتيلا) أي يقرأه مترسلا (ويفصّل الآي تفصيلا) أي ويبينها تبيينا مبينا (في قراءته) أي من كمال تؤدته (كما رواه الثّقات عنه) يروى كما قال الثقات فعن عائشة وقد سئلت عن قراءته لو أراد سامعها أن يعد حروفها لعدها (فيمكن ترصّد الشّيطان لتلك السّكتات) أي خلال تلاوة الآيات (ودسه) أي إدخاله على وجه الخفاء (فيها) أي في السكتات أو في اثناء القراآت (مَا اخْتَلَقَهُ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ مُحَاكِيًا نَغْمَةَ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي صوته ولهجته (بحيث يسمعه) من السماع أو الاسماع (من دنا إليه) أي قرب (من الكفّار) أي دون الأبرار (فظنّوها من قول النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأشاعوها) أي أفشوها بينهم (ولم يقدح ذلك عند