للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفرق بَين الْإِرَادَة والشهوة

أَن الْإِنْسَان قد يَشْتَهِي مَا هُوَ كَارِه لَهُ كالصائم يتهي شرب المَاء ويكرهه وَقد يرد الْإِنْسَان مَا لَا يشتهيه كشرب الدَّوَاء المر وَالْحمية والحجامة وَمَا بسبيل ذَلِك وشهوة الْقَبِيح غير قبيحة وَإِرَادَة الْقَبِيح فالقرق بيهما بَين

الْفرق بَين الذة والراحة

أَن الرَّاحِلَة من اللَّذَّة مَا تقدّمت الشَّهْوَة لَهُ وَذَلِكَ أَن العطشان إِذا اشْتهى الشّرْب لوم يشرب مَلِيًّا ثمَّ شرب سميت لذته بالشرب رَاحَة وَإِذا شرب فِي أول أَوْقَات الْعَطش لم يسم بذلك وَكَذَلِكَ الْمَاشِي إِذا أَطَالَ الْمَشْي ثمَّ قعد وَقد تقدّمت شَهْوَته للقعود سميت لذته بالقعود رَاحَة وَلَيْسَ ذَلِك من إِرَادَته وَلكنه يجْرِي مَعهَا وَيشكل بهَا وَعند أبي هَاشم رَحمَه الله أَن اللَّذَّة لَيست بِمَعْنى وَفِي تعْيين الملتذ بهَا وبضروبها الدَّالَّة على اخْتِلَاف أجناسها دَلِيل على أَنَّهَا معنى وَلَو لم تكن معنى مَعَ هَذِه الْحَال لوَجَبَ أَن تكون الْإِرَادَة كَذَلِك

الْفرق بَين الْحبّ والود

أَن الْحبّ يكون فِي مَا يُوجِبهُ ميل الطباع وَالْحكمَة جَمِيعًا والود ميل الطباع فَقَط أَلا ترى أَنَّك تَقول أحب فلَانا واوده وَتقول أحب الصَّلَاة وَلَا تَقول أود الصَّلَاة وَتقول أود أَن ذاكت كَانَ لي إِذا تمنيت وداده وأود الرجل ودا ومودة والود الوديد مثل الْحبّ وَهُوَ الحبيب

الْفرق بَين الْمحبَّة والعشق

أَن الْعِشْق شدَّة الشَّهْوَة لنيل المُرَاد من المعشوق إِذا كَانَ إِنْسَان والعزم على مواقعته عِنْد التَّمَكُّن مِنْهُ وَلم كَانَ الْعِشْق مفارقا للشهوة لجَاز أَن يكون العاشق خَالِيا من أَن يَشْتَهِي النّيل مِمَّن يعشقه إِلَّا أَنه شَهْوَة مَخْصُوصَة لَا تفارق موضعهَا وَهِي شَهْوَة الرجل للنيل مِمَّن يعشقه وَلَا تسمى شَهْوَته لشرب الْخمر وَأكل الطّيب عشقا والعشق أَيْضا هُوَ الشَّهْوَة الَّتِي إِذا أفرطت وَامْتنع نيل مَا يتَعَلَّق بهَا قتلت بهها قتلت صَاحبهَا وَلَا يقتل من الشَّهَوَات غَيرهَا أَلا ترى أَن أحدا لم يمت من شَهْوَة الْخمر وَالطَّعَام وَالطّيب وَلَا من محبَّة دَاره أَو مَاله وَمَات خلق كثير من شَهْوَة الْخلْوَة مَعَ المعشوق والنيل مِنْهُ

<<  <   >  >>