للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفرق بَين الْفِتْنَة والاختبار

أَن الْفِتْنَة اشد الاختبار وأبلغه وَأَصله عرض الذَّهَب على النَّار لتبين صَلَاحه من فَسَاده وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (يَوْم هم على النَّار يفتنون) وَيكون فِي الْخَيْر وَالشَّر أَلا تسمع قَوْله تَعَالَى (إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتنه) وَقَالَ تَعَالَى (لأسقيناهم مَاء غدقا لنقتنهم فِيهِ) فَجعل النِّعْمَة فتْنَة لِأَنَّهُ قصد بهَا الْمُبَالغَة فِي اختبار الْمُنعم عَلَيْهِ بهَا كالذهب إِذا أُرِيد الْمُبَالغَة فِي تعرف حَاله أَدخل النَّار وَالله تَعَالَى لَا يختبر العَبْد لتغيير حَاله فِي الْخَيْر وَالشَّر وَإِنَّمَا المُرَاد بذلك شدَّة التَّكْلِيف

الْفرق بَين الاختبار والتجريب

أَن التجريب هُوَ تَكْرِير الاختبار والاكثار من وَيدل على هَذَا أَن التفعيل هُوَ للْمُبَالَغَة والتكرير وَأَصله من قَوْلك جربه إِذا داواه من الجرب فَنظر أصلح حَاله أم لَا وَمثله قرد الْبَعِير إِذا نزع عَنهُ القردان وقرع الفصيل إِذا داواه من القرع وَهُوَ دَاء مَعْرُوف وَلَا يُقَال إِن الله تَعَالَى يجرب قِيَاسا على قَوْلهم يختبر ويبتلى لِأَن ذَلِك مجَاز وَالْمجَاز لَا يُقَاس عَلَيْهِ

الْفرق بَين اللطف والتوفيق والعصمة واللطف والرقة وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك

الْفرق بَين اللطف والتوفيق

أَن اللظف هُوَ فعل تسهل بِهِ الطَّاعَة على العَبْد وَلَا يكون لطفا إِلَّا مَعَ قصد فَاعله وُقُوع مَا هُوَ لطف فِيهِ من الْخَيْر خَاصَّة فَأَما إِذا كَانَ مَا يَقع عِنْده قبيحا وَكَانَ الْفَاعِل لَهُ قد أَرَادَ ذَلِك فَهُوَ انْقَادَ وَلَيْسَ بلطف والتوفيق فعل مَا تتفق مَعَه الطَّاعَة وَإِذا لم تتفق مَعَه الطَّاعَة لم يسم تَوْفِيقًا وَلِهَذَا قَالُوا انه لَا يحسن الْفِعْل وَفرق آخر وهوأن التَّوْفِيق لطف يحدث قبل الطَّاعَة بِوَقْت فَهُوَ كالمصاحب لَهَا فِي وقته لِأَنَّهُ وقته يَلِي وَقت فعل الطَّاعَة وَلَا يجوز أَن يكون وقتهما وَاحِدًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَجِيء زيد مَعَ عَمْرو وان كَانَ بعده بِلَا فصل فَأَما إِذا جَاءَ بعده بأوقات فانه لم يَجِيء مَعَه واللطف قد ينقدم الْفِعْل بأوقات يسيرَة

<<  <   >  >>