وَمن ثمَّ قيل تفطر الشّجر إِذا تشقق بالورق وفطرت الْإِنَاء شققته وَفطر الله الْخلق أظهرهم بايجادهم إيَّاهُم كَمَا يظْهر الْوَرق إِذا تفطر عَنهُ الشّجر فَفِي الْفطر معنى لَيْسَ فِي الْفِعْل وَهُوَ الْإِظْهَار بِالْإِخْرَاجِ إِلَى الْوُجُود قبل مَا لَا يسْتَعْمل فِيهِ الظُّهُور وَلَا يسْتَعْمل فِيهِ الْوُجُود أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول إِن الله فطر الطَّعَام والرائحة كَمَا تَقول فعل ذَلِك وَقَالَ عَليّ بن عِيسَى الفاطر الْعَامِل للشَّيْء بإيجاده بِمثل الانشقاق عَنهُ
الْفرق بَين الْفِعْل والإنشاء
أَن الانشاء هُوَ الإحداث حَالا بعد حَال من غير احتذاء على مِثَال وَمِنْه يُقَال نَشأ الْغُلَام وَهُوَ ناشىء إِذا نما وَزَاد شَيْئا وَالِاسْم النشوء وَقَالَ بَعضهم الْإِنْشَاء ابْتِدَاء الايجاد من غير سَبَب وَالْفِعْل يكون عَن سَبَب وَكَذَلِكَ الإحداث وَهُوَ ايجاد الشَّيْء بعد أَن لم يكن وَيكون بِسَبَب وَبِغير سَبَب والإنشاء مَا يكون من غير سَبَب وَالْوَجْه الأول أَجود
الْفرق بَين المبدىء والمبتدىء
أَن المبدىء للْفِعْل هُوَ الْمُحدث لَهُ وَهُوَ مضمن بالإعارة وَهِي فعل الشَّيْء كرة ثَانِيَة وَلَا يقدر عَلَيْهَا إِلَّا الله تَعَالَى فَأَما قَوْلك أعدت الْكتاب فحقيقته أَنَّك كررت مثله فكأنك قد أعدته والمبتدىء بالعفل هُوَ الْفَاعِل لبعضه من غير تَتِمَّة وَلَا يكون إِلَّا لفعل يَتَطَاوَل كمبتدىء بِالصَّلَاةِ وبالأكل وَهُوَ عبارَة عَن أول أَخذه فِيهِ
الْفرق بَين الْفِعْل وَالْعَمَل
أَن الْعَمَل إِيجَاد الْأَثر فِي الشَّيْء يُقَال فلَان يعْمل الطين خزفا وَيعْمل الخوص زنبيلا والأديم سقاء وَلَا يُقَال يفعل ذَلِك لِأَن فعل ذَلِك الشَّيْء هُوَ إيجاده على مَا ذكرهنا وَقَالَ الله تَعَالَى (وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ) أَي خَلقكُم وَخلق مَا تؤثرون فِيهِ بنحتكم إِيَّاه أَو صوفكم لَهُ وَقَالَ الْبَلْخِي رَحمَه الله تَعَالَى من الْأَفْعَال مَا يَقع فِي علاج وتعب واحتيال وَلَا يُقَال للْفِعْل الْوَاحِد عمل وَعِنْده أَن الصّفة لله بِالْعَمَلِ مجَاز وَعند أبي عَليّ رَحمَه الله أَنَّهَا