للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفرق بَين الضّيق والحرج

أَن الْحَرج ضيق لَا منفذ فِيهِ مَأْخُوذ من الحرجة وَهِي الشّجر الملتف حَتَّى لَا يُمكن الدُّخُول فِيهِ وَلَا الْخُرُوج ممه وَلِهَذَا جَاءَ بِمَعْنى الشَّك فِي قَوْله تَعَالَى (ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت) أَي شكا لِأَن الشاك فِي الْأَمر لَا ينفذ فِيهِ زنثله (فَلَا يكن فِي صدرك حرج مِنْهُ) وَلَيْسَ كل مَا خَاطب بِهِ النبيََالمؤمنين أَرَادَهُم بِهِ أَلا ترى إِلَى قَوْله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى) وَالْقصاص فِي الْعمد فَكَأَنَّهُ أثبت لَهُم الْإِيمَان مَعَ قتل الْعمد وَقتل الْعمد يبطل الْإِيمَان وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يعلمهُمْ الحكم فِي من يسْتَوْجب ذَلِك وَنَحْوه قَوْله تَعَالَى (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافا مضاعفة) وَقد تكلمنا فِي هَذَا الْحَرْف فِي كتاب تَصْحِيح الْوُجُوه

والنظائر بِأَكْثَرَ من هَذَا وَمِمَّا قُلْنَا قَالَ بعض الْمُفَسّرين فِي قَوْله تَعَالَى (وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين حرج) إِنَّه أَرَادَ ضيقا لَا مخرج مِنْهُ وذلكت أَنه يتَخَلَّص من الذَّنب بِالتَّوْبَةِ فالتوبة مخرج وَترك مَا يصعب فعله على الْإِنْسَان بالرخص ويحتج بِهِ فِي مَا اخْتلف فِيهِ من الْحَوَادِث إِن مَا أدّى إِلَى الضّيق فَهُوَ وَمَا أوجب فَهُوَ أولى

الْفرق بَين المحق والإذهاب

أَن المحق يكون للأشياء وَلَا يكون فِي الشَّيْء الْوَاحِد يُقَال محق الدَّنَانِير وَلَا يُقَال محق الدِّينَار إِذا أذهبه بِعَيْنِه وَلَكِن تَقول محق الدِّينَار إِذا أردْت قِيمَته من الْوَرق فَأَما قَوْله تَعَالَى (يمحق الله الرِّبَا) فَأَنَّهُ أَرَادَ أَن ثَوَاب عاملة يمحق وَالثَّوَاب أَشْيَاء كَثِيرَة وَالشَّاهِد قَوْله تَعَالَى (ويربي الصَّدقَات) لَيْسَ أَنه يُربي نَفسهَا وَإِنَّمَا يُربي ثَوَابهَا فَلذَلِك يمحق ثَوَاب فَاعل الرِّبَا وَنحن نعلم أَنا المَال يزِيد بالربا فِي العاجل

الْفرق بَين الوضعية والخسران

أَن الوضيعة ذهَاب راس المَال وَلَا يُقَال لمن ذهب مَاله كُله قد وضع وَالشَّاهِد أَنه من الْوَضع خلاف الرّفْع وَالشَّيْء إِذا وضع لم يذهب وَإِنَّمَا قيل وضع الرجل على

<<  <   >  >>