وَلَو كَانَ الِاعْتِذَار التَّوْبَة لجَاز أَن يُقَال اعتذر الى الله كَمَا يُقَال تَابَ اليه وأصل الْعذر إِزَالَة الشَّيْء عَن جِهَته اعتذر إِلَى فلَان فعذره أَي أَزَال مَا كَانَ فِي نَفسه عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة أَو فِي الظَّاهِر وَيُقَال عذرته عذيرا وَلِهَذَا يُقَال من عذيري من فلَان وتأويله من يأتيني عذر مِنْهُ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (عذرا أَو نذرا) وَالنّذر جمع نَذِير
الْفرق بَين النَّدَم وَالتَّوْبَة أَن التَّوْبَة من النَّدَم وَذَلِكَ أَنَّك قد تندم على الشَّيْء وَلَا تعتقد قبحه وَلَا تكون التَّوْبَة من غير قبح فَكل تَوْبَة نَدم وَلَيْسَ كل نَدم تَوْبَة
الْفرق بَين الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة
أَن الاسْتِغْفَار طلب الْمَغْفِرَة بِالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَة أَو يغرهما من الطَّاعَة وَالتَّوْبَة النَّدَم على الْخَطِيئَة مَعَ الْعَزْم على ترك المعاودة فَلَا يجوز الاسغفار مَعَ الْإِصْرَار لِأَنَّهُ مسْلبَةٌ لله مَا لَيْسَ من حكمه ومشيئة مَا لَا تَفْعَلهُ مِمَّا قد نصب الدَّلِيل فِيهِ وَهُوَ تحكم عَلَيْهِ كَمَا يتحكم المتأمر المتعظم على غَيره بَان يَأْمُرهُ بِفعل مَا أَخّرهُ أَنه لَا يَفْعَله
الْفرق بَين التأسف والندم
أَن التأسف يكون على الْفَائِت
من فعلك وَفعل غَيْرك والندم جنس من أَفعَال الْقُلُوب لَا يتَعَلَّق إِلَّا بواقع من فعل النادم دون غَيره فَهُوَ مباين لأفعال الْقُلُوب وَذَلِكَ أَن الارادة وَالْعلم وَالتَّمَنِّي والغبط قد يقععلى فعل الْغَيْر كَمَا يَقع على فعل الْمَوْصُوف بِهِ وَالْغَضَب يتَعَلَّق بِفعل الْغَيْر فَقَط
الْفرق بَين الْعَفو والغفران
أَن الغفران يَقْتَضِي إِسْقَاط الْعقَاب وَإِسْقَاط الْعقَاب هُوَ إِيجَاب الثَّوَاب فَلَا يسْتَحق الغفران إِلَّا الْمُؤمن الْمُسْتَحق للثَّواب وَلِهَذَا لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الله فَيُقَال غفر الله لَك وَلَا يُقَال غفر زيد لَك إِلَّا شاذا قَلِيلا وَالشَّاهِد على شذوذه أَنه لَا يتَصَرَّف فِي صِفَات العَبْد كَمَا يتَصَرَّف فِي صِفَات الله تَعَالَى أَلا ترى أَنه يُقَال استغفرت الله تَعَالَى وَلَا يُقَال استغفرت زيدا وَالْعَفو يَقْتَضِي إِسْقَاط اللوم والذم وَلَا يَقْتَضِي إِيجَاب الثَّوَاب وَلِهَذَا يسْتَعْمل فِي العَبْد فَيُقَال عَفا زيد عَن عَمْرو وَإِذا عَفا عَنهُ لم يجب عَلَيْهِ إثابته إِلَّا أَن الْعَفو والغفران