للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسْتدلَّ على أَن وجدت هَهُنَا إِنَّمَا هُوَ للضالة والإدراك قد يكون لما يسبقك أَلا ترى أَنَّك تَقول وجدت الضَّالة وَلَا تَقول أدْركْت

الضَّالة وَإِنَّمَا يُقَال أدْركْت الرجل إِذا سَبَقَك ثمَّ اتبعته فلحقته وأصل الْإِدْرَاك فِي اللُّغَة بُلُوغ الشَّيْء وَتَمَامه وَمِنْه إِدْرَاك الثَّمَرَة وَإِدْرَاك الْغُلَام وإدراكك من تطلب يرجع إِلَى هَذَا لِأَنَّهُ مبلغ مرادك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (قَالَ أصحابت مُوسَى إِنَّا لمدركون) والدرك الْحَبل يقرن بِحَبل آخرت ليبلغ مَا يحْتَاج إِلَى بُلُوغه والدرك الْمنزلَة لِأَنَّهَا مبلغ من تجْعَل لَهُ ثمَّ توسع فِي الْإِدْرَاك والوجدان فأجريات مجْرى وَاحِد فَقيل أَدْرَكته ببصري وَوَجَدته ببصري وَوجدت حجمه بيَدي وَأدْركت حجمه بيَدي وَوَجَدته بسمعي وأدركته بمسعي وَأدْركت طعمه بغمي وَوجدت طعمه بفمي وَأدْركت رِيحه بأنفي وَوجدت رِيحه بأنفي وحد المتكلمون الْإِدْرَاك فَقَالُوا هُوَ مَا يتجلى بِهِ الْمدْرك تجلي الظُّهُور ثمَّ قيل يجد بِمَعْنى يعلم ومصدره الوجدان وَذَلِكَ مَعْرُوف فِي الْعَرَبيَّة وَمِنْه قَول الشَّاعِر من الوافر

(وجدت الله أكبر كل شَيْء ... محاولة وَأَكْثَرهم جُنُودا)

أَي عَلمته كَذَلِك إِلَّا أَنه لَا يُقَال للمعدم مَوْجُود بِمَعْنى أَنه مَعْلُوم وَذَلِكَ أَنَّك لَا تسمى واجدا لما غَابَ عَنْك فَإِن عَلمته فِي الْجُمْلَة فَذَلِك فِي الْمَعْدُوم أبعد وَقَالَ الله تَعَالَى (يجد الله غَفُورًا رحِيما) أَي يُعلمهُ كَذَلِك وَقيل يجونه حَاضرا فالوجود هُوَ الْعلم بالموجو وَسمي الْعَالم بِوُجُود الشَّيْء واجا لَهُ لَا غير وَهَذَا مِمَّا جرى على الشَّيْء أسم مَا قاربه وَكَانَ من سَببه وَمن هَهُنَا يفرق بَين الوجودت وَالْعلم

الْفرق بَين الْعلم والبصيرة

أَن البصيرة هِيَ تَكَامل الْعلم والمعرفة بالشَّيْء وَلِهَذَا لَا يجوز أَن يُسمى الْبَارِي تَعَالَى بَصِيرَة إِذْ لَا يتكامل على أحد بعظمته وسلطانه

الْفرق بَين الْعلم والدراية

أَن الدِّرَايَة فِي مَا قَالَ أَبُو بكر الزبيرِي بِمَعْنى

<<  <   >  >>