قيل أَلَيْسَ قد قَالَ (إِنِّي خشيت أَن تَقول فرقت بَين بَين إِسْرَائِيل) قُلْنَا إِنَّه خشِي القَوْل الْمُؤَدِّي إِلَى الْفرْقَة والمؤدي إِلَى الشَّيْء بِمَنْزِلَة من يَفْعَله وَقَالَ بعض الْعلمَاء يُقَال خشيت زيدا وَلَا يُقَال خشيت ذهَاب زيد فَإِن قيل ذَلِك فَلَيْسَ على الأَصْل وَلَكِن على ضع الخشية مَكَان الْخَوْف وَقد يوضع الشَّيْء مَكَان الشَّيْء إِذا قرب مِنْهُ
الفقرق بَين الخشية والشفقة
أَن الشَّفَقَة ضرب من الرقة وَضعف الْقلب ينَال الْإِنْسَان وَمن ثمَّ يُقَال للْأُم إِنَّهَا تشفق على وَلَدهَا أَي ترق لَهُ وَلَيْسَت هِيَ من الخشية وَالْخَوْف فِي شَيْء والشاهده قَوْله تَعَالَى (الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون) وَلَو كَانَت الخشية هِيَ الشَّفَقَة لما حسن أَن يَقُول ذَلِك كَمَا لَا يسحن أَن يَقُول يَخْشونَ من خشيَة رَبهم وَمن هَذَا الأَصْل قَوْلهم ثوب شفق إِذا كَانَ رَقِيقا وشبهت بِهِ البدا لِأَنَّهَا حمرَة لَيست بالمحكمة فقولك اشفقت من كَذَا مَعْنَاهُ ضعف قلبِي عَن احْتِمَاله
الْفرق بَين الْخَوْف والرهبة
أَن الرهبة طول الْخَوْف واستمراره وَمن ثمَّ قيل للراهب رَاهِب لِأَنَّهُ يدم أخوف واصله من قَوْلهم جمل رهب إِذا كَانَ طَوِيل الْعِظَام مشبوح الْخلق والرهابة الْعظم الَّذِي على رَأس الْمعدة يرجع الى هَذَا وَقَالَ عَليّ بن عيس الرهبة خوف يقع