للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِنَفسِهِ أقوى وَالْمَكْر أَيْضا تَقْدِير ضَرَر الْغَيْر من أَن يفعل بِهِ أَلا ترى أَنه لَو قَالَ لَهُ أقدر أَن أفعل بك كَذَا لم يكن ذَلِك مكرا وَإِنَّمَا يكون مكرا غذا يُعلمهُ بِهِ والكيد اسْم لإيقاع الْمَكْرُوه بِالْغَيْر قهرا سَوَاء علم أَو لَا وَالشَّاهِد قَوْلك فلَان يكايدني فَسمى فعله كيدا وَإِن علم بِهِ وأصل الكيد الْمَشَقَّة وَمِنْه يُقَال فلَان يكيد لنَفسِهِ أَي يقاسي الْمَشَقَّة وَمِنْه الكيد لإيقاع مَا فِيهِ من الْمَشَقَّة وَيجوز أَن يُقَال لاكيد مَا يقر بِوُقُوع الْمَقْصُود بِهِ من الْمَكْرُوه على مَا ذَكرْنَاهُ وَالْمَكْر مَا يجْتَمع بِهِ الْمَكْرُوه من قَوْلك جَارِيَة ممكورة الْخلق اي ملتفة مجتمعة اللَّحْم غير رهلة

الْفرق بَين الْحِيلَة وَالْمَكْر

أَن من الْحِيَل مَا لَيْسَ بمكر وَهُوَ أَن يقدر نفع الْغَيْر لَا من وجهة فيسمى ذَلِك حِيلَة مَعَ كَونه نفعا وَالْمَكْر لَا يكون نفعا وَفرق آخر وَهُوَ أَن الْمَكْر بِقدر ضَرَر الْغَيْر من غير أَن يعلم بِهِ وَسَوَاء كَانَ من وَجهه أَولا وَالْحِيلَة لَا تكون من غير وَجهه وسمى الله تَعَالَى مَا توعد بِهِ الْكفَّار مكرا فِي قَوْله تَعَالَى (فَلَا يَأْمَن مكر الله إِلَّا الْقَوْم الخاسرون) وَذَلِكَ أَن الماكر ينزل الْمَكْرُوه بالممكور بِهِ حَيْثُ لَا يعلم فَلَمَّا كَانَ هَذَا سَبِيل مَا توعدهم بِهِ من الْعَذَاب سَمَّاهُ مكرا وَيجوز أَن يُقَال

سَمَّاهُ مكرا لِأَنَّهُ دبره وأرسله فِي وقته الْمَكْر فِي اللُّغَة التَّدْبِير على الْعَدو فَلَمَّا كَانَ أَصلهمَا وَأحد قَامَ أحدهكت مقَام الآخر وأصل الْمَكْر فِي اللُّغَة الفتل وَمِنْه قيل جَارِيَة ممكوره أَي ملتفة الْبدن وَإِنَّمَا سميت الْحِيلَة مكرا لِأَنَّهَا قيلت على خلاف الرشد

الْفرق بَين الْغرَر والخطر

أَن الْغرَر يُفِيد ترك الحزم والتوثق فيتمكن ذَلِك فِيهِ والخطر ركُوب المخاوف رَجَاء بُلُوغ الخطير من الْأُمُور وَلَا يُفِيد مفارقه الحزم والتوثق

<<  <   >  >>