وَيكون المُرَاد بهَا فِي صِفَات الرِّجَال المتهل فِي تَدْبِير الْأُمُور ومفارقة التَّعْجِيل فِيهَا كانه يقاربها مقاربة لَطِيفَة من قَوْلك أَنى الشَّيْء إِذا قرب وتأنى أَي تمهل ليَأْخُذ الْأَمر من قرب وَقَالَ بَعضهم الأناة السّكُون عِنْد الْحَالة المزعجة
الْفرق بَينهَا بوين التؤدة
أَن التؤدة الخفة فِي الْأُمُور وَأَصلهَا من قَوْلك وأده يئده غذا أثقله بِالتُّرَابِ وَمِنْه الموءودة وأصل التَّاء فِيهَا وَاو وَمثلهَا التخة وَأَصلهَا من الوخامة والتهمة وَأَصلهَا من وهمت والترة واصله من وترت فالتؤدة تفِيد من هَذَا خلاف مَا تفِيد الأناة وَذَلِكَ أَن الأناة تفِيد مقاربة الْأَمر والتسبب إِلَيْهِ بسهولة والتؤدة تفِيد مفارة الْخُف وَلَوْلَا أَنا رَجعْنَا إِلَى الِاشْتِقَاق لم نجد بَينهمَا فرقا وَيجوز أَن يُقَال إِن الأناة هِيَ المبالفة فِي الرِّفْق بالأمور والتسبب إِلَيْهَا من قَوْلك آن الشَّيْء إِذا انْتهى وَمِنْه حميم آن) وَقَوله (غير ناظرين إناه) أَي نهايته من النضج
وَمِمَّا يُخَالف ذَلِك
الْفرق بَين الطيش والسفة
نقيض الْحِكْمَة على مَا وَصفنَا ويستعار فِي الْكَلَام الْقَبِيح فَيُقَال سفه إِذا أسمعهُ الْقَبِيح وَيُقَال للجاهل سَفِيه والطيش خفه مَعهَا خطأ فِي الْفِعْل وَهُوَ من قَوْلك طاش السهْم إِذا خف فَمضى فَوق الهدف فَشبه بِهِ الْخَفِيف المفارق الصَّوَاب الْفِعْل
الْفرق بَين السرعة والعجلة
أَن السرعة التَّقَدُّم فِي مَا
يَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم فِيهِ وَهِي محمودة ونقيضها مَذْمُوم وَهُوَ الإبطاء والعجلة التَّقَدُّم فِي مَا لَا يَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم فِيهِ وَهِي مذمومة ونقيضها مَحْمُود وَهُوَ الأناة فَأَما قَوْله تَعَالَى (وعجلت إِلَيْك رب لترضى) فَإِن ذَلِك بِمَعْنى أسرعت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute