للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقائقها وَوَقع كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَعْنى الآخر فَأوجب ذَلِك أَن يكون لفظان مُخْتَلِفَانِ لَهما معنى وَاحِد فَأبى الْمُحَقِّقُونَ أَن يَقُولُوا بذلك وَقَالَ بِهِ من لَا يتَحَقَّق الْمعَانِي وَلَعَلَّ قَائِلا يَقُول إِن امتناعك من أَن يكون للفظين الْمُخْتَلِفين معنى وَاحِد رد على جَمِيع أهل اللُّغَة لأَنهم إِذا أَرَادو أَن يفسروا اللب قَالُوا هُوَ الْعقل أَو الْجرْح قَالُوا هُوَ الْكسْب أَو السكب قَالُوا هُوَ الصب وَهَذَا يدل على أَن اللب وَالْعقل عِنْدهم سَوَاء وَكَذَلِكَ نقُول إِلَّا أَنا نَذْهَب إِلَى أَن قَوْلنَا اللب وان كَانَ هُوَ الْعقل فَإِنَّهُ يُفِيد خلاف مَا يُفِيد قَوْلنَا الْعقل وَمثل ذَلِك القَوْل وَإِن كَانَ هُوَ الْكَلَام وَالْكَلَام هُوَ القَوْل فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يُفِيد بِخِلَاف مَا يفِيدهُ الآخر وَكَذَلِكَ الْمُؤمن وَإِن كَانَ هُوَ الْمُسْتَحق للثَّواب فَإِن قَوْلنَا مُسْتَحقّ للثَّواب يُفِيد خلاف مَا يفِيدهُ قَوْلنَا مُؤمن وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا فِي هَذَا الْبَاب وَلِهَذَا الْمَعْنى قَالَ الْمبرد الْفرق بَين ابصرته وبصرت بِهِ على اجْتِمَاعهمَا فِي الْفَائِدَة أَن بصرت بِهِ مَعْنَاهُ أَنَّك صرت بَصيرًا بموضعه وَفعلت أَي انْتَقَلت إِلَى هَذَا الْحَال وَأما أبصرته فقد يجوز أَن يكون مرّة وَيكون لأكْثر من ذَلِك وَكَذَلِكَ أدخلته

وَدخلت بِهِ فَإِذا قلت أدخلته جَازَ أَن تدخله وانت مَعَه وجا إلاتكون مَعَه وَدخلت بِهِ إِخْبَار بِأَن الدُّخُول لَك وَهُوَ مَعَك بسببك وحاجتنا إِلَى الِاخْتِصَار تلزمنا الِاقْتِصَار فِي تأييد هَذَا الْمَذْهَب على مَا ذَكرْنَاهُ وَفِيه كِفَايَة

فَأَما مَا يعرف بِهِ الْفرق بَين هَذِه الْمعَانِي وأشباهها فإشياء كَثِيرَة مِنْهَا اخْتِلَاف مَا يسْتَعْمل عَلَيْهِ اللفظان اللَّذَان يُرَاد الْفرق بَين معنييهما وَمِنْهَا اعْتِبَار صِفَات الْمَعْنيين اللَّذين يطْلب الْفرق بَينهمَا وَمِنْهَا اعْتِبَار مَا يؤول إِلَيْهِ المعنيات وَمِنْهَا اعْتِبَار الْحُرُوف الَّتِي تعدى بهَا الْأَفْعَال

<<  <   >  >>