للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر، فقلوبهم ترحم الزاني أكثر مما ترحم غيره من أرباب الجرائم والواقع شاهد بذلك: فنهى أن تأخذهم هذه الرأفة وتحملهم على تعطيل حد الله) .

سبب هذه الرحمة

ثم يستطرد ابن القيم رحمه الله في أسباب وجدان هذه الرحمة في نفوس العباد-

في حق المحدودين في هذه الفاحشة فيقول (١) :

وسبب هذه الرحمة: أن هذا ذنب يقع من الأشراف والأوساط والأرذال، وفي النفوس أقوى الدواعي إليه، والمشارك فيه كثير، وأكثر أسبابه العشق والقلوب

مجبولة على رحمة العاشق وكثير من الناس يعد مساعدته، طاعة وقربة، وإن كانت

الصورة المعشوقة محرمة عليه، ولا يستنكر هذا الأمر فإنه مستقر عند ما شاء الله

من أشباه الأنعام، ولقد حكى لنا من ذلك شيئاً كثيراً- نقاص العقول كالخدم والنساء.

وأيضاً، فإن هذا ذنب غالب ما يقع مع التراضي من الجانبين ولا يقع فيه من العدوان والظلم والاغتصاب ما تنفر النفوس منه.

وفي النفوس شهوة غالبة له فيصور ذلك لها فتقوم بها رحمة تمنع إقامة الحد، وهذا كله من ضعف الإيمان.

وكمال الإيمان أن تقوم به قوّة يقيم بها أمر الله ورحمة يرحم بها المحدود فيكون موافقاً لربه تعالى في أمره ورحمته) .

الثالثة

ثم ذكر الخصيصة الثالثة. فقال (٢) :


(١) انظر: الداء والدواء ص/٢٣٩.
(٢) انظر: الداء والدواء ص/٢٣٩.

<<  <   >  >>