لأن الحكم بفسقه مسوق مساق الجملتين قبله: الجلد. ورد الشهادة. فهو من تتمة الحد إذاً. وهم لا يقولون بهذا وبالإجماع فإن التوبة تزيل وصف الفسق. ورد الشهادة أثر مترتب على فسقه بالقذف فإذا زال الوصف ارتفع ما ترتب عليه: وهو رد الشهادة. وهذا ألصق بأصول الشريعة وأجرى على قواعدها. من قبول توبة التائبين، ورجوع المذنبين.
فإنه ما من محدود إلا ويحكم بفسقه لجرمه وما من تائب إلا ويحكم بارتفاع فسقه بتوبته ولا عهد للشريعة بذنب يتأبد عقابه ما عاش صاحبه.
٤- قال ابن القيم في الاستدلال للجمهور (١)
(قالوا الحد يدرء عنه عقوبة الآخرة. وهو طهرة له، فإن الحد طهرة لأهلها. فكيف تقبل شهادته إذا لم يتطهر بالحد، وترد أطهر ما يكون. فإنه بالحد والتوبة قد يطهر طهراً كاملاً) .
الخلاصة والترجيح:
هذا ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى من سياق الخلاف وأدلته ومناقشتها ولم يصرح رحمه الله تعالى باختيار أي من القولين. وقد تبين أن مدار الخلاف ومحل التجاذب بين القولين يعود إلى معرفة ما يعود إليه الاستثناء في الآية. وقد ظهرت عائديته إلى الفسق بالإجماع. وعدم عوده على الجلد بالإجماع ودلالة القرائن على عوده إلى (عدم قبول الشهادة) فتقبل إذا شهادة التائب من القاذف المحدود والله أعلم.-
وبمناسبة تعلق القبول على التوبة من القاذف فإن الحاجة تشتد إلى معرفة كيفية توبة القاذف. وهذا ما يتضح في المبحث الآتي إن شاء الله تعالى.