للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قذفه به. فلا يحصل به مقصود التوبة من هذا الذنب، فإن فيه حقان: حق الله: وهو تحريم القذف فتوبته منه باستغفاره، واعترافه بتحريم القذف. وندمه عليه وعزمه على أن لا يعود.

وحق للعبد: وهو إلحاق العار به بتوبته منه: بتكذيبه نفسه.

فالتوبة من هذا الذنب بمجموع الأمرين) .

وهذا القول المختار لدى ابن القيم رحمه الله تعالى واضح الدليل قوى التعليل وقد اشتمل على القول الثاني: فإن القذف فيه حقان: حق لله تعالى. وحق لعبده. ولا يحصل التخلص منها إلا: بالاستغفار والندم والعزم ألا يعود وأن يكذب نفسه فيكون بهذا قد تاب بأداء الحقين حق الله تعالى وحق عبده.

اعتراض وجوابه:

أورد ابن القيم رحمه الله تعالى اعتراضاً على القول المختار وهو أن القاذف إذا كان صادقاً في قذفه لمعاينته الزنا فكيف يسوغ له أن يكذب نفسه ويكون ذلك من تمام توبته.

فقال في الإيراد والجواب (١) :

(فإن قيل إذا كان صادقاً قد عاين الزنا، فاْخبر به فكيف يسوغ له تكذيب نفسه وقذفها بالكذب، ويكون ذلك من تمام توبته؟.

قيل: هذا هو الإشكال الذي قال صاحب هذا القول لأجله ما قال: أن توبته الاعتراف بتحريم القذف والاستغفار منه. وهو موضع يحتاج فيه إلى بيان الكذب الذي حكم الله به على القاذف وأخبر أنه كاذب عنده، ولو كان خبره مطابقاً للواقع (٢) . فنقول:


(١) انظر: مدارج السالكين ١/ ٣٦٤- ٣٦٥.
(٢) يشير إلى قوله تعالى (فإذ لم يأتوا بالشهداء. فأولئك عند الله هم الكاذبون) من الآية رقم ١٣ سورة النور.

<<  <   >  >>