للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ذلك، وغلظ حرمته، وانتشار فساده، ولأن الله سبحانه لم يعاقب أمة ما عاقب اللوطية) .

لكنه رحمه الله تعالى لما حكى اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في صفة قتل اللوطي هل هي الرجم أم الإحراق أم الرمي من شاهق أم هدم الحائط عليه لم يصرح باختيار واحدة من هذه الصفات والله أعلم.

الترجيح والاختيار:

مما تقدم يتبين أن ابن القيم رحمه الله تعالى استوفى ذكر الخلاف في هذه المسألة وذكر أدلتها وما ورد على بعضها من مناقشات وأنه اختار ما ذهب إليه جهور أهل العلم من أن عقوبة اللوطي القتل بكل حال لدلالة السنة والإجماع وقاعدة الشريعة المطردة. وهذا القول المختار هو الذي يظهر لي- والله أعلم- لقوة أدلته وسلامة دلالتها على ما سيقت من أجله، ولأن أدلة المخالفين لا تنهض على مقاومتها. وأما صفة القتل فإن الذي يظهر لي أيضاً - والله أعلم- هو أن هذا عائد إلى رأي الإمام من القتل بالسيف أو رجماً بالحجارة ونحو ذلك حسب مصلحة الردع والزجر والله أعلم.

ويطيب لي أن أذكر كلاماً للشوكاني رحمه الله تعالى في تأييد مذهب الجمهور إذ يقول (١) :

(وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارب هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيباً يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى فاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلي من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابهاً لعقوبتهم، وقد خسف الله تعالى بهم، واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم) .


(١) انظر: نيل الأوطار ٧/١٢٤

<<  <   >  >>